التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وإن ما نرينك بعض الذي نعدهم أو نتوفينك فإنما عليك البلاغ وعلينا الحساب 40 أولم يروا أنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها والله يحكم لا معقب لحكمه وهو سريع الحساب 41 وقد مكر الذين من قبلهم فلله المكر جميعا يعلم ما تكسب كل نفس وسيعلم الكفار لمن عقبى الدار 42 ويقول الذين كفروا لست مرسلا قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب 43}

صفحة 3818 - الجزء 5

  وقيل: «من عنده علم الكتاب»: علي بن أبي طالب، عن أبي جعفر محمد بن علي، ومحمد بن الحنفية $.

  · المعنى: «وَإن مَّا نُرِيَنَّكَ» يا محمد «بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ» وأنت حي، قيل: أراد بعض الموعود، عن الحسن، وأبي علي، وأبي مسلم. وقيل: أراد الكل والبعض قد يكون بمعنى الكل، عن أبي القاسم. «الَّذِي نَعِدُهُمْ» قيل: من العذاب، عن ابن عباس، والحسن. وقيل: الظفر بهم وإبطال دينهم وإظهار دين الإسلام، قال القاضي: وهو الصحيح لأنه حصل بعضه في أيامه والأكثر بعد وفاته، «أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ» فيتم الموعود لأمتك، عن الأصم وجماعة. «فَإنَّمَا عَلَيكَ الْبَلاغُ» أي: ليس عليك إلا إبلاغ الرسالة «وَعَلَينَا الْحِسَابُ» أي: علينا الجزاء والحساب.

  ثم ذكر تعالى ما يكون كالدلالة على حصول هذا الموعود وإن تأخر، فقال سبحانه: «أَوَلَمْ يَرَوا» يعني الكفار، وقيل: أهل مكة «أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ» نقصدها «نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا» قيل: بالفتوح على المسلمين من أرض المشركين، عن ابن عباس بخلاف، والحسن، والضحاك، ومقاتل. والأصح أن يفتح أرضًا بعد أرض فيبطل فيها أحكام الشرك ويظهر أحكام الإسلام، أفلا يخافون أن يفتح أرضهم كما فتح غيرها؟، وهلا اعتبروا؟، قال القاضي: وهذا الوجه هو الأولى لأنه يتصل بما وعده من النصرة وظهور دينه، وقيل: نأتي الأرض ننقصها من أطرافها بموت أهلها وتخريب أرضهم أفلا يخافون أن نفعل بهم مثل ذلك، عن ابن عباس، وقتادة، ومجاهد، وعكرمة، والشعبي، قال الشعبي: لو كانت الأرض تنقص لضاق عليك،