التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {الر كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم إلى صراط العزيز الحميد 1 الله الذي له ما في السماوات وما في الأرض وويل للكافرين من عذاب شديد 2}

صفحة 3825 - الجزء 5

  و «الحميد» خفض نعتًا للعزيز، ويجوز في العربية رفعه على أنه ابتداء وخبره: «اللَّه» أي: الحميد هو اللَّه.

  (ويل) رفع على الابتداء، وخبره فيما بعده.

  · المعنى: {الر} بينا فيما تقدم ما قيل في الحروف في أوائل السور، وبَيَّنَّا أن الاختيار وقع منها على ثلاثة معان:

  أحدها: أنه اسم للسورة، عن الحسن، والأصم، وأبي علي، قال الحسن: كان أصحاب النبي ÷ يقولون في {الر} ونحوه: هو اسم للسورة ومفاتيح لها.

  وثانيها: أنه إشارة إلى أن هذه السورة مؤلفة من هذه الحروف، وبها تتكلمون، وعجزتم عن إتيان مثله، فدل على كونه معجزًا، عن أبي مسلم.

  وثالثها: أنها مأخوذة من أسمائه وصفاته تعالى.

  {الر} أنا اللَّه أرى، عن ابن عباس «كتَابٌ» يعني القرآن «أَنْزَلْنَاهُ إِلَيكَ» نزل به جبريل من اللَّه تعالى إلى رسوله «لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ» قيل: جميع الخلق، وقيل: أهل مكة، عن ابن عباس. والأول الوجه؛ لأنه مبعوث إلى الكافة، ونسب الإخراج إليه وإن كانوا خرجوا لأنهم خرجوا عند دعائه فجاز إضافته إليه مجازًا وتوسعًا «مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ» قيل: من الضلالة إلى الهدى، عن قتادة. وقيل: من الكفر إلى الإيمان، وإنما شبه الكفر بالظلمة لأنها غاية ما يتحير به المرء، والإيمان بالنور لأنه غاية ما تتجلى به طرق الهداية، عن أبي علي. «بِإِذْنِ رَبِّهِمْ» قيل: بأمره، عن أبي علي. وقيل: بعلمه، عن الأصم. يعني أنزل الكتاب بعلمه لا يقدر عليه غيره، وقيل: بلطفه وتسهيله «إِلَى صِرَاطِ» أي: طريق اللَّه وهو الإسلام