التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {الر كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم إلى صراط العزيز الحميد 1 الله الذي له ما في السماوات وما في الأرض وويل للكافرين من عذاب شديد 2}

صفحة 3826 - الجزء 5

  «الْعَزِيزِ» القادر على ما يشاء «الْحَمِيدِ» المحمود على كل حال، وقيل: المستحمد إلى خلقه بنعمه، وقيل: المحمود على جميع ما يفعله، وذكر الحميد تنبيهًا أنه تعالى وإن كان عزيزًا قادرًا على ما يشاء فلا يفعل إلا الحسن الحميد الذي يحمد عليه «اللَّه الَّذِي لَهُ مَا في السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ» خلقًا وملكًا يعني: أن الرسول يدعوكم إلى اللَّه الذي له ملك السماوات والأرض «وَوَيْل لِلْكَافِرِينَ» قيل: هو اسم للعذاب الشديد، عن ابن عباس، وأبي علي، وأبي مسلم. وقيل: هو نداء مكروب من شدة العذاب، عن الأصم. وقيل: هو واد في جهنم، عن الكلبي. «مِنْ عَذَابٍ شَدِيدٍ» وهو عذاب النار.

  · الأحكام: تدل الآية على بطلان مذهب الجبر من وجوه:

  أحدها: أن الكفر لو كان خلقًا لله تعالى لم يصح إخراجهم من ذلك بالكتاب.

  وثانيها: أنه أضاف الإخراج إلى الرسول، فلو كان هو خالق الكفر والإيمان لما صح إضافته إليه.

  وثالثها: أن الإخراج بالكتاب إنما يصح بأن يتدبر ويستدل ويؤمن، وذلك لا يصح إلا بعد أن يكون الفعل لهم ويكونوا مختارين.

  وتدل على أنه أراد إخراج الجميع من الظلمات إلى النور.

  وتدل على حدث القرآن عن حيث وصف بالإنزال وأنه كتاب.

  ويدل قوله: «الحميد» أنه لا يفعل القبيح؛ لأن ذلك مبالغة في استحقاق الحمد، فلا يصح ذلك على مذهب الْمُجْبِرَة.