التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ولقد أرسلنا موسى بآياتنا أن أخرج قومك من الظلمات إلى النور وذكرهم بأيام الله إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور 5 وإذ قال موسى لقومه اذكروا نعمة الله عليكم إذ أنجاكم من آل فرعون يسومونكم سوء العذاب ويذبحون أبناءكم ويستحيون نساءكم وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم 6}

صفحة 3831 - الجزء 5

  مجاهد. وقيل: بديننا، حكاه الأصم وزيفه لأنه خلاف الظاهر «أَنْ أَخْرِجْ» أي: وقلنا له أخرج «قَوْمَكَ» يعني بني إسرائيل ومن بعث إليهم، وأضاف الإخراج إليه لأنهم بسببه ودعائه خرجوا «مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ» من الكفر إلى الإيمان «وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ» قيل: بنعمه في الأيام دينًا ودنيا، وقيل: بأيام بنعمه عليكم، عن ابن عباس، وأبيّ بن كعب، والحسن، ومجاهد، وقتادة، وسعيد بن جبير، وعمرو بن ميمون، وأبي علي. وقيل: بوقائع اللَّه وعذابه في الأمم السالفة ونعمه فيهم كعاد وثمود وغيرهم، عن ابن زيد، والأصم، وأبي القاسم، قال أبو القاسم: معناه خوفهم بما نزل من قبل بالمكذبين من العقاب، وقيل: بأيام اللَّه عنها لأنها طرق لها جامعة لكل ذلك، عن أبي مسلم. «إِنَّ فِي ذَلِكَ» فيما فعل بهم «لآياتٍ» حجج وعلامات «لِكُلّ صَبَّارٍ» كثير الصبر «شَكُورٍ» كثير الشكر، وإنما جمع بينهما لأن حال المؤمن لا يخلو من نعمة يجب شكرها أو محنة يجب الصبر عليها، والصبر والشكر خصال المؤمنين، وقيل: لأن أيام موسى كانت أيام محنة ونعمة، فجمع اللَّه تعالى بين الشكر والصبر، وقيل: لأن التكليف لا يخلو من شكر وصبر، وعن سعيد بن جبير أن ناسًا يحسبون الشكر أن يقول: الحمد لله، وليس كذلك، إنما الشكر أن يعرف حقه فيما أنعم اللَّه عليه فيطيعه فيما أمره، ويجتنب عما نهاه شكرًا لما أنعم اللَّه عليه، فذلك الشكر الذي ينجيه اللَّه به من النار ويثيب عليه الجنة «وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ أَنْجَاكُمْ» خلصكم «مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ» أي: قومه وأتباعه ومن كان على دينه «يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ» قيل: يذيقونكم، عن الحسن. وقيل: يقتصرون بكم على ذلكم ويجعلون حظكم ذلك، عن أبي مسلم، من السوم