قوله تعالى: {ولقد أرسلنا موسى بآياتنا أن أخرج قومك من الظلمات إلى النور وذكرهم بأيام الله إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور 5 وإذ قال موسى لقومه اذكروا نعمة الله عليكم إذ أنجاكم من آل فرعون يسومونكم سوء العذاب ويذبحون أبناءكم ويستحيون نساءكم وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم 6}
  أن تقتصر الماشية على الرعي «وَيُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وًيسْتَحْيُونَ نِسَاءَكم» أي: يستبقون النساء أحياء.
  ومتى قيل: فلم جمع بينهما في النعمة، وإنما النعمة في أحدهما وهو النجاة من الذبح؟
  فجوابنا: لأنهم استبقوا النساء للخدمة، ففي الخلاص منها نعمة. وقيل: كان في بقائهن منفردات عن الرجال مضرة عظيمة.
  «وَفِي ذَلِكُمْ» أي: ما تقدم ذكره «بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ» قيل: نعمة عظيمة مَنَّ اللَّه بها عليكم، عن الحسن، والأصم، وأبي مسلم. وقيل: بلاء وشدة ومحنة تنزل بكم منهم، عن أبي علي. وقيل: بلاء امتحان بالتخلية وترك منعهم قهرًا، عن أبي القاسم. والأول أقرب أن المراد به النعمة لأنه يوافق صدر الآية في قوله: «اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ»، وقيل: تقدم ذكر النعمة وذكر البلية من فرعون فكلا الوجهين محتمل إلا أن الأول أقرب.
  · الأحكام: تدل الآية على أنه تعالى بعث موسى، والغرض إخراج الناس من الكفر إلى الإيمان خلاف ما تقوله الْمُجْبِرَة.
  وتدل على وجوب الصبر والشكر، والصبر عنى وجهين: على الطاعة، وعن المعصية، وإنما خص الشاكر بالآيات وإن كانت آية لغيره لأنه ينتفع بها؛ لأن غيره إذا لم يشكر فكأنه لم يعتد به.