قوله تعالى: {ألم يأتكم نبأ الذين من قبلكم قوم نوح وعاد وثمود والذين من بعدهم لا يعلمهم إلا الله جاءتهم رسلهم بالبينات فردوا أيديهم في أفواههم وقالوا إنا كفرنا بما أرسلتم به وإنا لفي شك مما تدعوننا إليه مريب 9}
  حق على اللَّه أن يعطي من سأله ويزيد من شكره، فأما من قال: لئن شكرتم بطاعتي لأزيدنكم في الطاعة فغير صحيح؛ لأن الطاعة فعل العبد، وظاهر قوله: «لَأَزِيدَنَّكُمْ» يرجع إلى فعل اللَّه تعالى «وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ» قيل: كفرتم نعمتي لأنه مقابل بالشكر، وقيل: كفرتم بِاللَّهِ فيدخل فيه كفران النعمة وسائر أنواع الكفر «إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ» أي: على ذلك «وَقَالَ مُوسَى إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا» لما دعا إلى الشكر بيَّن أنه ينفعهم، والكفر يضرهم، فأما اللَّه فلا يجوز عليه النفع والضر، فقال سبحانه «فَإِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ» أي: غني عمن لم يطعه، حميد في أفعاله، مستحق للحمد، عن أبي علي. وقيل: محمود فيما صنع إن كفرتم، عن أبي القاسم.
  · الأحكام: تدل الآية على أن كل من شكر اللَّه تعالى فاللَّه يزيده لا محالة لأنه كالضمان منه، ولا يجوز عليه الخلف إلا أنه يجوز أن يزيده في الدنيا ويجوز أن يزيده في الآخرة، والشكر الاعتراف بنعمه والتزام طاعته وترك مخالفته.
  وتدل على أن النفع والضر بالطاعة والمعصية تعود إلى العبد، فيدل على أن الشكر والكفر فعل العبد وليس بخلق اللَّه تعالى، فيبطل قول الْمُجْبِرَةِ في المخلوق.
قوله تعالى: {أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا اللَّهُ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ وَقَالُوا إِنَّا كَفَرْنَا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَنَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ ٩}
  · اللغة: النبأ: الخبر عما يعظم شأنه، يقال: لهذا الأمر نبأ، وأنبأ ينبئ إنباءً، وتنبأ مسيلمة ادعى النبوة وليس كذلك، والنبيء بالهمز أخذ من ذلك، فأما بغير الهمز