التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ألم يأتكم نبأ الذين من قبلكم قوم نوح وعاد وثمود والذين من بعدهم لا يعلمهم إلا الله جاءتهم رسلهم بالبينات فردوا أيديهم في أفواههم وقالوا إنا كفرنا بما أرسلتم به وإنا لفي شك مما تدعوننا إليه مريب 9}

صفحة 3836 - الجزء 5

  وقيل: إنه من قول موسى لقومه يهديهم بما ينزل بالأمم، ويتصل بما قبله، عن أبي مسلم.

  · المعنى: «أَلَمْ يَأْتِكُمْ» خطاب للكفار «نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبلكُمْ» أي خبر من كان قبلكم من الأمم، ثم فسر ذلك فقال سبحانه: «قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ» هم قوم هود «وَثَمُودَ» هم قوم صالح. «وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ» من الأمم «لا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا اللَّهُ» قيل: رجع ذلك إلى الجميع أي: لا يعلم كنه مقاديرهم إلا اللَّه، لأن المذكور في الكتاب جملة لا يفصل للعدد فيه، عن أبي علي. وقيل: من بعدهم لا يعلمهم إلا اللَّه ومن أخبرهم اللَّه، عن أبي علي. وزيفه القاضي لأنه خلاف الظاهر، وقيل: أراد هلاك قوم لم تبلغنا أخبارهم أصلاً كذبوا رسلاً لم نعرفهم، عن ابن عباس، والحسن، والأصم. «جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ» قيل: بالأدلة والحجج والأحكامِ، وقيل: بالأمر والنهي، عن ابن عباس. وقيل: بالحلال والحرام، عن الأصم. «فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ» اختلفوا في معناه على قولين:

  أولهما: أن المراد باليد والفم الجارحتان.

  والثاني: أن المراد به غير الجارحة، وإنما ذكرها مجازًا وتوسعًا، وإذا أمكن حمل الكلام على حقيقته وهي الجارحة كان أولى من حمله على المجاز.