قوله تعالى: {وقال الذين كفروا لرسلهم لنخرجنكم من أرضنا أو لتعودن في ملتنا فأوحى إليهم ربهم لنهلكن الظالمين 13 ولنسكننكم الأرض من بعدهم ذلك لمن خاف مقامي وخاف وعيد 14 واستفتحوا وخاب كل جبار عنيد 15 من ورائه جهنم ويسقى من ماء صديد 16 يتجرعه ولا يكاد يسيغه ويأتيه الموت من كل مكان وما هو بميت ومن ورائه عذاب غليظ 17}
  فأهلك أولئك الكفرة وأسكن المؤمنين أرضهم وديارهم وأورثهم أموالهم، وهكذا جزاء من توكل على ربه واستعان به.
  ثم بين العلة فقال: «ذَلِكَ» أي: ما فعل بهم «لِمَنْ خَافَ مَقَامِي» أي: مقامه للحساب، عن الحسن، وأبي علي، وأبي القاسم، وأبي مسلم. وروي ذلك عن ابن عباس، والعرب تفعل مثل ذلك فتضيف الفعل إلى أنفسها وإلى الموقع فيه كقوله: {وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ}[الواقعة: ٨٢] أي: رزقي لكم، وندمت على ضربك أي: ضربي إياك، وسررت برؤيتك أي: برؤيتي إياك، وإنما أضاف المقام إلى نفسه لأنه هو الآمر به ولا حكم لأحد ثم سواه، وقيل: مقامي أي قيامي عليه وحفظي أعماله، وقيل: مقامي أي عذابي، عن الأخفش. «وَخَافَ وَعِيدِ» أي: في القرآن «وَاسْتَفْتَحُوا» استنصروا واستيقظوا، قيل: أراد به الأمم قالوا: إن كان هَؤُلَاءِ الرسل حقًا فعذبنا، عن ابن عباس، وابن زيد، ومقاتل. وقيل: قالوا: أينا كان أحب إليك فانصره فَأُجِيبُوا، وقيل: أراد به الرسل استنصروا اللَّه على الأمم لما أيسوا من إيمانهم دعوا عليهم بالهلاك فأجيب دعاؤهم، عن الحسن، ومجاهد، وقتادة، وأبي علي، قال أبو علي: وإنما دعوا به بإذن اللَّه إياهم في الدعاء، وقيل: المراد به الرسل والأمم تحاكموا إلى اللَّه ودعا الفريقان أن يقضي بينهم، عن الأصم. وقيل: استفتح مشركو قريش ومنهم أبو جهل، وقيل: دعا كل واحد من الفريقين على صاحبه فعند ذلك خاب الكفار، حكاه الأصم. «وَخَابَ» في الكلام حذف؛ أي: فَأُجِيبُوا إلى ما طلبوا فخاب، قيل: هلك، عن الحسن. وقيل: لم ينل أمله، عن الأصم، وأبي مسلم.
  وقيل: خابوا من رحمة اللَّه، عن أبي علي. وقيل: خسر «كُلُّ جَبَّارٍ» قيل: متكبر،