قوله تعالى: {وقال الذين كفروا لرسلهم لنخرجنكم من أرضنا أو لتعودن في ملتنا فأوحى إليهم ربهم لنهلكن الظالمين 13 ولنسكننكم الأرض من بعدهم ذلك لمن خاف مقامي وخاف وعيد 14 واستفتحوا وخاب كل جبار عنيد 15 من ورائه جهنم ويسقى من ماء صديد 16 يتجرعه ولا يكاد يسيغه ويأتيه الموت من كل مكان وما هو بميت ومن ورائه عذاب غليظ 17}
  عن الأصم، وأبي القاسم. وأصله أن يطلب علوًا ليس له «عَنِيدٍ» مجانب للحق، عن مجاهد، وإبراهيم، وابن زيد. وقيل: معرض، عن ابن عباس. وقيل: الجبار الذي لا يرى لأحد عليه حقا، عن الزجاج. وقيل: العنيد من أبى أن يقول: لا إله إلا اللَّه، عن قتادة. «مِنْ وَرَائِهِ جَهَنَّمُ» قيل: أمامه وبين يديه، عن أبي علي، والزجاج وجماعة.
  وقيل: وراء ما هو فيه؛ أي: سيأتي عليه، كما يقال: هذا الأمر من ورائك أي: سيأتيك، عن أبي القاسم، والأخفش، قال الشاعر:
  عَسَى الْهَمُّ الَّذِي أَمْسَيْتُ فِيِه ... يَكُونُ وَرَاءَهُ فَرَجٌ قَرِيبُ
  قيل: من ورائه أي من بعد هذا العذاب في الدنيا عذاب جهنم، عن الحسن، والأصم. وقيل: بعده جهنم، عني مقاتل.
  ثم بيّن ما أعد لهم في جهنم، فقال سبحانه: «وَيُسْقَي مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ» قيل: ماء يشبه الصديد في نتنه وكراهته، عن أبي علي، وأبي مسلم، والقاضي. وقد يحذف كاف التشبيه للمبالغة، يقال: فلان أشد، وهذا هو الوجه لأنه لو كان صديدًا لما سماه ماء، وقيل: هو ما يخرج من قيح جلودهم ويسيل، عن ابن عباس، وأبي علي.
  وقيل: الصديد القيح يختلط بالدم، عن مجاهد، والأصم. وقيل: معناه ما يصد عنه لكراهته، عن أبي مسلم. وقيل: هو ما يخرج من بين جلد الكافر ولحمه، عن قتادة.
  وقيل: ما يخرج من جوفه مخالط القيح والدم، عن الضحاك. «يَتَجَرَّعُهُ» قيل: يتحساه بالجرع لا بمرة واحدة لكراهته «وَلا يَكَادُ يُسِيغُهُ» قيل: كاد صلة ومعناه لا يسيغه كقوله: {لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا}[النور: ٤٠] فهو يتردد في حلقه حتى يغص به، وقيل: يقرب ألا يسيغه أو يجتهد ولا بد أن يساغ، قيل: لشدة عطشهم يستروحون إلى شربه،