التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وأدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها بإذن ربهم تحيتهم فيها سلام 23 ألم تر كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء 24 تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتذكرون 25 ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار 26}

صفحة 3862 - الجزء 5

  الأصم. وقيل: دخولهم الجنة «بِإِذْنِ رَبِّهِم»، أي: بأمره، وقيل: المراد بذلك الإباحة، عن أبي علي، وأبي هاشم. وكذلك قوله: {كُلُوا وَاشْرَبُوا}⁣[الطور: ١٩] ونحو ذلك مما يكون في الجنة حتى لا تقارنها الإرادة، وقيل: المراد به الأمر يدخلون ويخلدون، ويقال: كلوا، وتقرن به الإرادة ليتم الثواب، عن القاضي.

  ومتى قيل: لم شرط الإذن في الدخول؟

  فجوابنا: لأن أهل النار يدخلون كرهًا فهم يؤمرون ليدخلوها طوعًا إكرامًا لهم وزيادة في محلهم، وقيل: هم يدخلون إلى نعيم دائم فلا بد أن يكون الدخول بإذن.

  «تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ» في الجنة سلام، أي: يحيي بعضهم بعضًا بالسلام، والملائكة تحييهم بالسلام، عن ابن عباس، وأبي مسلم. وقيل: الملائكة تحييهم، عن الحسن. وقيل: ما يأتيهم من اللَّه وما يلقى بعضهم بعضًا السلام، والسلام: كلمة جامعة لكل خير، عن الأصم. ومعناه: البشارة لهم بدوام السلامة، عن أبي عليٍّ.

  ثم ضرب مثلا يقرب من أفهام السامعين ترغيبًا في اتباع الحق وتحذيرًا من الباطل، فقال سبحانه: «أَلَمْ تَرَ» ألم تعلم «كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا» قيل: شبهًا، عن ابن عباس، كلمة طيبة، وقيل: كلمة التوحيد شهادة أن لا إله إلا اللَّه، عن ابن عباس، والحسن. وقيل: قراءة القرآن، عن الأصم. وقيل: الكلمة الطيبة ما أمر اللَّه به من الكلام الذي به طاعته، عن أبي علي. وقيل: دعوة الإسلام وهو جميع الدين، عن أبي مسلم، والقاضي. وقيل: الإيمان، عن الربيع بن أنس. وقيل: أراد بالكلمة المؤمن نفسه، عن ابن عباس، وعطية العوفي. «كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ» يعني طيبة ثمارها لذيذة، وقيل: هي النخلة، عن ابن عباس، وأبي عثمان النهدي، وأبي العالية، ومجاهد، وقتادة، ومسروق، والضحاك، وابن زيد، وأبي علي. وقيل: شجرة في الجنة، عن ابن عباس. وقيل: أراد شجرة هذه صفتها وإن لم يكن لها وجود في الدنيا لكن الصفة معلومة «أَصْلُهَا ثَابِثٌ» في الأرض «وَفَرْعُهَا» ذاهب «فِي السَّمَاءِ تُؤْتِي أُكُلَهَا»