التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وأدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها بإذن ربهم تحيتهم فيها سلام 23 ألم تر كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء 24 تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتذكرون 25 ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار 26}

صفحة 3864 - الجزء 5

  حين، والغرض أنه كما يحفظ صاحب هذه الشجرة إياها ويقوم بعمارتها لكي تبقى كذلك ينبغي للمكلف أن يتمسك بالدين ويحفظه وإن لحقته المشقة لما يرجوه من دوام النعيم، وقيل: شبه ثواب الكلمة بثمرة الشجرة، وقيل: شبه نفْس المؤمن بهذه الشجرة وهذا خلاف للظاهر، وإذا أمكن حمل الكلام على حقيقته فلا معنى لصرفه إلى المجاز، وقيل: وجه التشبيه أن الشجرة إنما يكون فضلها بثلاثة أشياء: أصل راسخ، وفرع عال، وثمرة طيبة، وكذلك الإيمان لا يكون ولا يقوم إلا بثلاثة. أشياء: معرفة بالقلب، وإقرار باللسان، وعمل بالجوارح، ثم ثمرته الثواب الدائم.

  «بِإِذْنِ رَبِّهَا» يعني يحصل ثمرها بإذن ربها وخالقها، قيل: بأمره الذي هو فعله، وقيل: بعلمه أنه يخلق الثمار بقدر ما يعلمه من المصالح «وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ» أي: لكي يتدبروا فيعرفوا الغرض بالمثل «وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ» قيل: هو الشرك والكفر، عن أكثر المفسرين ابن عباس وغيره. وقيل: ما اتخذه العباد من الكتب سوى كتب اللَّه تعالى، عن الأصم. وقيل: كل كلام هو معصية لله تعالى، عن أبي علي. وقيل: دعوة الكفر، عن أبي مسلم. وقيل: كلمة لا ينتفع بها دينًا ودنيا «كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ» قيل: شجرة الحنظل، عن ابن عباس، وأنس، ومجاهد، وروي مرفوعًا. وقيل: أراد شجرة هذه صفتها وهو أنها لا قرار لها في الأرض، عن الحسن، والأصم. وقيل: شجرة لم تخلق بعد، عن ابن عباس. وقيل: شجرة ليس لها أصل ثابت ولا فرع ولا ثمر، عن أبي القاسم، وأبي مسلم. وقيل في وجه التشبيه: إن الباطل لا ثبات له ولا ينتفع به كما أن هذه الشجرة لا قرار لها متى اجتثت لا ثبات لها ولا منفعة، وقيل: هي شجرة في الماء لا عرق لها في الأرض تميل مع