التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وأدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها بإذن ربهم تحيتهم فيها سلام 23 ألم تر كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء 24 تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتذكرون 25 ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار 26}

صفحة 3865 - الجزء 5

  الرياح، وقيل: الحنظلة ينتفع بها في الرقي وهو غذاء للظباء، وأجيب بأنه بعد القطع لا ينتفع بها، ولأن ما يتناول على طريق المداواة ليس بمقصود وإنما هو لدفع ضرر فإذًا ليس له أصل ثابت ولا فرع ثابت ولا ثمرة تستلذ «اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ» أي: استؤصلت واقتطعت، عن ابن عباس، والأصم، وأبي علي، وأبي القاسم، وأبي مسلم. وقيل: انتزعت، عن السدي. وقيل: أخذت جميع جثتها بكمالها، عن الزجاج. «مَا لَهَا» لهذه الشجرة «مِنْ قَرَارٍ» في الأرض.

  · الأحكام: تدل الآية على ثبات الإيمان وأنه المنتفع به دون غيره من الأديان ولذلك شبهه بالشجرة الثابتة المثمرة، وسائر الأديان بالشجرة الخبيثة التي لا ينتفع بها.

  وتدل على بطلان الكفر والبدع.

  وتدل على أن الجنة تنال بالعمل خلاف ما تقوله الْمُجْبِرَة لذلك قال: {وَأُدْخِلَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ}.

  وتدل على تأبيد الثواب خلاف قول جهم.

  ويدل قوله: {لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ} أنه أراد من جميعهم التذكر خلاف قول الْمُجْبِرَةِ.

  ويدل قوله: {بِإِذْنِ رَبِّهَا} أن الثمرة تخرج بفعل اللَّه لا بالطبع أو تأثير الكواكب، وروى قتادة أن ناسًا من فقراء المؤمنين قالوا: يا رسول اللَّه، ذهب أهل الدثور بالأجور، يتصدقون ولا نتصدق، وينفقون ولا ننفق، قال: «أرأيتم لو أن لي مال الدنيا وضع بعضه على بعض أكان بالغًا السماء»؟ قالوا: لا يا رسول اللَّه، قال: «أوَلا أخبركم بشيء أصله في الأرض وفرعه في السماء، تقولوا في دبر كل صلاة: لا