قوله تعالى: {قل لعبادي الذين آمنوا يقيموا الصلاة وينفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلال 31 الله الذي خلق السماوات والأرض وأنزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات رزقا لكم وسخر لكم الفلك لتجري في البحر بأمره وسخر لكم الأنهار 32 وسخر لكم الشمس والقمر دائبين وسخر لكم الليل والنهار 33 وآتاكم من كل ما سألتموه وإن تعدوا نعمت الله لا تحصوها إن الإنسان لظلوم كفار 34}
  · المعنى: «قُلْ» يا محمد «لِعِبَادِيَ» قيل: أراد به أصحاب النبي ÷، عن ابن عباس. وقيل: أراد جميع المؤمنين، عن أبي علي. «الَّذِينَ آمَنُوا» صدقوا اللَّه ورسوله «يُقِيمُوا الصَّلاةَ». أي: يديمونها على الوجه المشروع، وهي الصلوات الخمس، عن الحسن. وقيل: كانت الصلاة مفروضة عليهم بمكة، وفرض عليهم قيام الليل إلا قليلاً قبل الهجرة، فوصاهم بأن يقيموا بذلك، عن الأصم. «وَيُنْفِقُوا» يخرجوا «مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ» أعطيناهم عطاء جاريًا «سِرًّا وَعَلَانِيَةً» خفية وجهرة، قيل: المراد به الزكاة، عن الحسن، والأصم، وأبي مسلم. وقيل: أراد الإنفاق في مواساة الفقراء ونصرة الرسول ÷، عن أبي علي. وقيل: المراد بالسر التطوع، وبالعلانية الواجب، والأول أولى؛ لأنه عقب ذلك بما يجري مجرى الوعيد من قوله: «مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ» يعني يوم القيامة «لَا بَيْعٌ فِيهِ» أي: لا فداء يقبل منه، والمراد بالبيع إعطاء البذل ليتخلص من النار لا أن هناك مبايعة «وَلا خِلالٌ» أي: لا ينفع مخاللة ومصادقة لكافر مع مؤمن كما ينفع في الدنيا، بل يبطل جميع ذلك كقوله: {الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ}[الزخرف: ٦٧] عن ابن عباس، والحسن، والأصم، وجماعة من المفسرين.
  ثم بيّن من الذي يجب أن يتخذ إلهًا، فقال سبحانه: {اللَّهُ} الذي هذه صفته في إنعامه وقدرته وعظمته.
  «الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ» يعني أنشأهما من غير شيء، وبدأ بذكرهما لعظم شأنهما في القدرة والنعمة «وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً» يعني المطر، عن ابن عباس، والحسن، وجماعة المفسرين. قيل: أراد السماء المعروف لقوله: {وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ}[الذاريات: ٢٢] أي: سبب رزقكم وهو المطر، وقيل: أنزل من علو، عن الأصم.
  «فَأَخْرَجَ بِهِ» أي: بالماء «مِنَ الثَّمَرَاتِ» يدخل فيه الأشجار والحبوب والزروع وغير