قوله تعالى: {قل لعبادي الذين آمنوا يقيموا الصلاة وينفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلال 31 الله الذي خلق السماوات والأرض وأنزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات رزقا لكم وسخر لكم الفلك لتجري في البحر بأمره وسخر لكم الأنهار 32 وسخر لكم الشمس والقمر دائبين وسخر لكم الليل والنهار 33 وآتاكم من كل ما سألتموه وإن تعدوا نعمت الله لا تحصوها إن الإنسان لظلوم كفار 34}
  ذلك، وإنما قال: «أَخْرَجَ بِهِ» لأنه تعالى أجرى العادة بذلك لما فيه من المصلحة وإلا فإنه كان يصح أن يخرج جميع ذلك من غير ماء لكن أجرى العادة بذلك لما فيه من المصلحة، ولأن العبد إذا تصور أن هذه المنافع القليلة تحسن مع تحمل المشاق لها فالمنافع الدائمة أولى فيكون لطفًا، ولأنه إذا كان بهذه المنافع يدفع الضرر عن نفسه فدفع ضرر العقاب بفعل الطاعات أولى «رِزْقًا لَكُمْ» يعني الغرض بذلك أن يعطيكم أرزاقكم فيعلم أن ذلك لم يقع اتفاقًا وأن الغرض الإنعام عليكم لتشكروه، وقيل: رزقكم بها «وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ» السفن «لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ» وإنما منَّ بذلك لما يتكامل به من النعم في نقل الأمتعة من بلد إلى بلد، وأضاف ذلك إلى نفسه لأن ما تتخذ منه السفينة من الخشب والحديد والآلات من خلقه، وكون الماء على صفة تجري فيه السفن من فعله، والرياح التي تجري بها السفن من إنشائه «وَسَخَّرَ لَكُمُ الأَنهَارَ» قيل: في كل بلدة، عن مجاهد. ليجري الماء إلى مواضع النبات والشرب «وَسَخَّرَ لَكُمُ» أي: لمنافعكم «الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ» في سيرهما لأن شيئًا من النعم لا يتم إلا بالضياء والليل «دَائِبَينِ» أي: دائمين في سيرهما يجريان على وجه به يتم طلب المنافع والسكون، وعدد السنين والحساب، ومواقيت منافع العباد، عن الأصم. وقيل: الدأب إدامة السير، عن أبي مسلم. وقيل: دائمين في طاعة اللَّه أي: يجريان كما يجريهما، وقيل: دائمًا يقبلان عليكم ويتعاقبان عليكم «وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيلَ وَالنَّهَارَ» فيتعاقبان لتتم بهما النعم «وَآتَاكُمْ» أي: أعطاكم «مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ» قيل: أعطاكم من كل شيء سألتموه، فحذف لدلالة الكلام عليه و (مِن) للتبعيض كقوله: