قوله تعالى: {قل لعبادي الذين آمنوا يقيموا الصلاة وينفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلال 31 الله الذي خلق السماوات والأرض وأنزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات رزقا لكم وسخر لكم الفلك لتجري في البحر بأمره وسخر لكم الأنهار 32 وسخر لكم الشمس والقمر دائبين وسخر لكم الليل والنهار 33 وآتاكم من كل ما سألتموه وإن تعدوا نعمت الله لا تحصوها إن الإنسان لظلوم كفار 34}
  {مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا ٨٤}[الكهف: ٨٤]، وقيل: مع كل هذه النعم آتاكم من كل ما سألتموه أشياء، عن أبي علي. وقيل: أراد إعطاءكم سؤلكم ومنيتكم، وقيل: أعطاكم ما سألتم وما لم تسألوا، عن ابن عباس، والحسن، والأصم. وقيل: أراد به التكثير، كقولهم: يعلم كل شيء، وأتاه كل الناس، وقوله: {فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ}[الأنعام: ٤٤]، {وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ}[النمل: ٢٣] عن الأخفش. وقيل: ليس شيء إلا وقد سأله بعض النَّاس، فقال تعالى: {وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ} وقيل: أعطاكم ما لم تسألوه، عن الضحاك، وقتادة.
  ومتى قيل: قد يسأل من لا يعطى؟
  فجوابنا: لذلك أدخل (مِن) وهي للتبعيض فيعطي بحسب المصلحة، ولأن من يسأل ولا يعرف كيف يسأل لا يعتبر به، إنما المعتبر بسؤال العارف الذي يسأل بشرط المصلحة واللَّه تعالى سيفعل ذلك في وقته.
  «وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا» أي: لا تقدرون على إحصائها لكثرتها ولأن منها ما هو ظاهر ومنها ما لا يعلم، لأن أنواع النعم في بدنه ورزقه ومنافعه دنيا ثم منافع الدين، ثم دفع البلايا لا يعرف كنهه، فبين أنه المنعم وأنه المستحق للعبادة لكن الإنسان مع هذا - ولم يرد عموم الإنسان وإنما أراد الكفار - «لَظَلُومٌ» قيل: ظلوم لنفسه بما كفر من نعم ربه واستوجب العقاب، وقيل: ظلوم للنعم حيث أضافها إلى غير مبتدئها «كَفَّارٌ» مبالغة في الكفر، وقيل: ظلوم في الشدة، كَفَّار في النعمة.
  · الأحكام: تدل الآية على وجوب المبادرة إلى الطاعات من إقام الصلاة وإيتاء الزكاة.