التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا البلد آمنا واجنبني وبني أن نعبد الأصنام 35 رب إنهن أضللن كثيرا من الناس فمن تبعني فإنه مني ومن عصاني فإنك غفور رحيم 36}

صفحة 3879 - الجزء 5

  وتدل على عظيم نعمه بما سخر لنا وما أسدى إلينا من النعم.

  وتدل على أنه تعالى خلق جميع ذلك وسخر لمنافع خلقه، لذلك قال: «لكم» خلاف ما يقوله قوم أنه يفعل لا لغرض.

  وتدل على أن أحدًا لا يقدر على مثل نعمه ليكون الشكر والعبادة له.

  وعن طلق بن حبيب قال: إن حق اللَّه أثقل من أن يقوم به العباد، وإن نعم اللَّه أكثر من أن تحصيها العباد، ولكن أصبحوا توابين وامسوا توابين.

  وتدل على أن إقامة الصلاة والزكاة فعل العبد ليصح الأمر.

  وتدل على أن الظلم والكفر فعلُهم ليصح الذم والعقاب، فيبطل قول الْمُجْبِرَةِ في المخلوق.

قوله تعالى: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ ٣٥ رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ٣٦}

  · القراءة: قال أبو القاسم: قرأ بعضهم: (أجنبني) بالهمز، وبعضهم بغير همز، قال الزجاج: يقرأ (أجنبني) بالهمز من قولهم: أجنبته كذا، جعلته جانبًا، وكذلك جنبته.

  · اللغة: الجنب: البعد، وكذلك الجنابة، ومنه: {وَالْجَارِ الْجُنُبِ}⁣[النساء: ٣٦].