قوله تعالى: {ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون 37 ربنا إنك تعلم ما نخفي وما نعلن وما يخفى على الله من شيء في الأرض ولا في السماء 38 الحمد لله الذي وهب لي على الكبر إسماعيل وإسحاق إن ربي لسميع الدعاء 39 رب اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي ربنا وتقبل دعاء 40 ربنا اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين يوم يقوم الحساب 41}
  · المعنى: «رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي» أي: بعض ولدي، ولا خلاف أنه إسماعيل مع أمه هاجر وهو أكبر ولده، وهو الذي رفع مع إبراهيم قواعد البيت، وذكر الحسن أنه إسماعيل وذريته، قال الأصم: وإنما قال: (مِنْ ذُرِّيَّتِي) لأن إسحاق كان يومئذ قد ولد، وقال غيره: لم يولد. «بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ» لأنه لم يكن بها يومئذ ماء ولا زرع ولا ضرع «عِنْدَ بَيتِكَ» أضافه إليه لأنه تعبد بتعظيمه، عن أبي علي. وقيل: لأنه مالكه لا يملكه أحد سواه.
  ومتى قيل: كيف سماه بيتًا وقد بني من بعدُ؟
  فجوابنا: إذا كان المعلوم كونه وعرف حده جاز أن يقال: بيتك، وقيل: معناه عند بيتك الذي كان قبل رفعه إلى السماء أيام الطوفان، وقيل: عند بيتك الذي مضى في سابق علمك كونه.
  «الْمُحَرَّمِ»: قيل: حرم موضع البيت حين خلق السماوات والأرض، وحفه بسبعة أملاك، عن ابن عباس. وقيل: حرم على عباده أن يقربوه الدماء والأقذار وغيرها، ولأنه أمر الصائرين إليه أن يكونوا محرمين لأشياء كانت تحل من قبل، عن أبي علي.
  وقيل: بما له من الحرمة الخاصة من جهات، عن القاضي. وقيل: حرام امتلاكه، وقيل: حرم على كل جبار أنْ يقهره «رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ» بيّن أنه أسكنهم ليقيموا الصلاة، وقيل: ليقيموها نحو الكعبة.
  ثم دعا بجامع الدين والدنيا، فقال سبحانه: «فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيهِمْ» لما كان المكان بالصفة التي وصفها اللَّه تعالى بها فلولا لطفه بإمالة القلوب إليه وإلا لما صح أن يعيش أهلها بها، وإنما يميل الناس إليه إما لدينهم كالحج ونحوه أو