التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون 37 ربنا إنك تعلم ما نخفي وما نعلن وما يخفى على الله من شيء في الأرض ولا في السماء 38 الحمد لله الذي وهب لي على الكبر إسماعيل وإسحاق إن ربي لسميع الدعاء 39 رب اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي ربنا وتقبل دعاء 40 ربنا اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين يوم يقوم الحساب 41}

صفحة 3887 - الجزء 5

  للتجارة وكلا الوجهين بأمره تعالى ولطفه، و «أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ» قيل: بعض الناس، قال سعيد بن جبير: لو قال أفئدة الناس لحجت اليهود والنصارى والمجوس ولكن قال: «مِنَ النَّاسِ» فهم المسلمون. وروي عن مجاهد أن إبراهيم لو قال لازدحمت فارس والروم، وقيل: الأفئدة الجماعات، وقيل: الأفئدة القلوب، أي: حببهم في قلوب الناس «تَهْوِي إلَيهم» قيل: تنزع، يقال: هوى نحوه إذا مال، عن ابن عباس، وقتادة، والزجاج. وقيل: تحن، عن الأصم. وقيل: تنزل وتهبط إليهم لأن مكة في غور، عن أبي مسلم. وقيل: يأتون البيت تهوي إليهم قلوبهم، عن عطاء، وطاووس. وقيل: سأله أن يحبب الحج إلى عباده فأجاب وأوجب الحج، وقيل: تهوي إلى الحج والعمرة، عن الحسن. وقيل: أمل قلوبهم إليه ليأنسوا بها وينقلوا الميرة إليهم، عن أبي علي. «وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ» مما يجلب إليهم من الأقطار مما أعطته أهل المياه والريف، وسببه ما تقدم من إرادة الناس للحضور، وقيل: بما ظهر من العمارات ينزله الناس وينقل إليه الثمرات «لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ» لكي يشكروا اللَّه ويعبدوه «رَبَّنَا إِنَّكَ تَعْلَمُ مَا نُخْفِي وَمَا نُعْلِنُ» قيل: من جميع أمورنا، وقيل: ما نخفي من الوجد بإسماعيل، وما نعلن من حذر، عن ابن عباس. وقيل: ما نخفي وما نعلن من التوحيد، عن الأصم. وقيل: ما نخفي من الحزن بمفارقة إسماعيل وما نظهر من قوله: {رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ}، حكاه الأصم.