التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار 42 مهطعين مقنعي رءوسهم لا يرتد إليهم طرفهم وأفئدتهم هواء 43 وأنذر الناس يوم يأتيهم العذاب فيقول الذين ظلموا ربنا أخرنا إلى أجل قريب نجب دعوتك ونتبع الرسل أولم تكونوا أقسمتم من قبل ما لكم من زوال 44 وسكنتم في مساكن الذين ظلموا أنفسهم وتبين لكم كيف فعلنا بهم وضربنا لكم الأمثال 45}

صفحة 3894 - الجزء 5

  وجلَّ من أفعالهم، وهذا تهديد لهم، وقيل: تقديره: ولا تحسبن اللَّه لا يعاقب الظالمين على أفعالهم ولا ينتصف للمظلوم ولكن أعد لهم العذاب يوم الحشر، عن أبي مسلم. وعن ميمون بن مهران: في الآية وعيد للظالم وتعزية للمظلوم. «إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ» يعني يؤخر عقوبتهم إلى يوم هذه صفته وهو يوم القيامة، وقيل: عند إجابة الداعي يوم الحشر من ألقبور، وقيل: عند الحساب إذا سيق أهل النار إلى النار «تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ» يعني يتحيرون، وشخوص البصر عن الشيء دلالة التحير والرعب، وقيل: لا تغمض من هول ما ترى وتطرف، عن الحسن، وأبي علي. وقيل: تشخص أبصارهم إلى إجابة الداعي يدعوهم، عن الحسن. وقيل: يبقوا مبهوتين لا يصرفون أبصارهم يمينًا وشمالاً، عن أبي مسلم. «مُهْطِعِينَ» قيل: مسرعين، عن الحسن، وسعيد بن جبير، وقتادة، والأصم، وأبي علي، وأبي القاسم. وقيل: لأنهم مسوقون معجلون، وقيل: مسرعين إلى الداعي نحو النداء لما يخافون من المكث، وقيل: المهطع الدائم النظر لا يطرف، عن ابن عباس، وأبي الضحى، ومجاهد.

  وقيل: المطرف لا يرفع رأسه، عن ابن زيد. وقيل: هو شدة النظر عن أن يطرف، عن الضحاك. «مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ» قيل: رافعي رؤوسهم، عن ابن عباس، ومجاهد، والحسن، والضحاك، وقتادة، وابن زيد، وأبي مسلم، وهو خلاف المعتاد أنهم عند مشاهدة البلاء ينظرون ولا يطرفون، وقيل: ناكسي رؤوسهم، عن المؤرج. «لا يَرْتَدُّ إِلَيهِمْ طَرْفُهُمْ» أي: لا يغمضون الجفن، بل يبقون فاتحين له نحو ما عاينوه من هول ذلك اليوم، قال الحسن: وجوه الناس يومئذ إلى السماء لا ينظر أحد إلى أحد، وقيل: الطرف العين، وقيل: أراد فتح العين، عن أبي مسلم. «وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ» قيل: قلوبهم خالية عن كل شيء فزعًا وخوفًا، عن ابن عباس، وأبي علي،