التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وقد مكروا مكرهم وعند الله مكرهم وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال 46 فلا تحسبن الله مخلف وعده رسله إن الله عزيز ذو انتقام 47}

صفحة 3899 - الجزء 5

  أبي القاسم. وذكر ابن جرير والزجاج أن بعضهم قرأ بنصب الوعد وكسر الرسل على تقدير: مخلف رسله وعده.

  · اللغة: المكر والكيد والحيلة سواء، والإخلاف: نقض الوعد بترك الإنجاز، وذلك مذموم في الوعد بالاتفاق، فأما في الوعيد فمنهم من قال: يحسن ممن لا يعرف العواقب، ولا يحسن منه تعالى لأنه عالم بكل شيء قبل كونه، وقد جرى في ذلك كلام بين شيخينا أبي عثمان وأبي عمرو بن العلاء لما أورد أبو عثمان آي الوعيد، فقال أبو عمرو: العرب تمدح بخلف الوعيد، وأنشد:

  وَإِنِّي وإن أَوْعَدْتُهُ أَوْ وَعَدْتُهُ ... لَمُخْلِفُ إِيعَادِي وَمُنْجِزُ مَوْعِدِي

  قال أبو عثمان: إن الأعرابي قد يمدح ويذم، وإن اللَّه تعالى أصدق القائلين قال: {مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ}⁣[ق: ٢٩] وأنشد:

  إِنَّ أبا ثَابِتٍ لَمُجْتَمِعُ الرَّأْيِ ... شَرِيفُ الآبَاءِ وَالبيتِ

  لاَ يُخْلِفُ الْوَعْدَ وَالْوَعِيَدَ ولاَ ... يَبيِتُ مِنْ نَارِهِ عَلَى فَوْتِ

  والوعيد: خبر يتضمن الموعود بالخير.

  والانتقام: الجزاء بما كان من المضار، ونقيضه: الإنعام.