قوله تعالى: {الر تلك آيات الكتاب وقرآن مبين 1 ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين 2 ذرهم يأكلوا ويتمتعوا ويلههم الأمل فسوف يعلمون 3}
  ومبين: من حيث يبين الأدلة والأوامر والنواهي، والحلال والحرام، والوعد والوعيد، وغير ذلك مما يتضمنه القرآن.
  «رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كانُوا مُسْلِمِينَ» أي: يتمنون ذلك، ولا خلاف بين المفسرين أنهم يتمنون ذلك وقطعوا عليه، وإنما اختلفوا في أي وقت يتمنون قيل: في وقت المعاينة إذا عاينوا أحكام الآخرة تمنوا ذلك، عن الضحاك، والأصم. وقيل:
  يتمنون ذلك في الآخرة، عن جماعة، ثم اختلف هَؤُلَاءِ، فقال بعضهم: عند مشاهدتهم المسلمين، وقد دخلوا الجنة آمنين وهم في عذاب دائم في الحال والاستقبال، فتمنوا أن لو كانوا مؤمنين فيأمنون العذاب، عن الحسن، وقتادة، وأبي علي. وقيل: ودوا أنه لا يغفر لمشرك أن لو كانوا مؤمنين، وروي عنه: «إذا فرغ اللَّه تعالى من القضاء بين خلقه، يقول: من كان مسلماً فليدخل الجنة فعنده يود الَّذِينَ كفروا»، ورواه عن ابن عباس، قيل: إذا دخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار احتبس قوم من أهل القبلة من المنافقين على الصراط فيقول المنافقون: حبسنا بنفاقنا فما ينفعكم إيمانكم بمحمد، فيصيحون صيحة بما عيروا به، فعند ذلك يشفع لهم النبي ÷ فيدخلون الجنة، ويود المنافقون لو كانوا مسلمين ليدخلوا معهم، عن ابن عباس. وقيل: لما دخل بعض أهل القبلة النار عيرهم الكفار بأنه لم ينفعهم الإيمان بمحمد ÷، فسألوا محمداً فشفع لهم، وأخرجهم من النار وأدخلهم الجنة، عن أبي موسى، وابن عباس، وأنس، وإبراهيم، قال أبو العالية: نزلت في الَّذِينَ يخرجون من النار، قال القاضي: وهذا بعيد لأنهم إن كانوا مؤمنين فمصيرهم إلى الجنة فلا يصح ذلك، وإن كانوا من أهل الكبائر فقد ثبت أنهم يدخلون النار، وثبت أن الشفاعة لا تكون إلا لأهل الجنة في مزيد الفضل، فأما ما روي عن ابن عباس أنهم يحتبسون فلا يبعد ليزداد غم المنافقين، ولا يلحق المؤمنين أذى، وتكون شفاعة لهم في مزيد الفضل، قال: وفي الخبر ما لا يمكن تأويله، وفيه اضطراب. «ذَرْهُمْ»