التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وما أهلكنا من قرية إلا ولها كتاب معلوم 4 ما تسبق من أمة أجلها وما يستأخرون 5 وقالوا ياأيها الذي نزل عليه الذكر إنك لمجنون 6 لو ما تأتينا بالملائكة إن كنت من الصادقين 7 ما ننزل الملائكة إلا بالحق وما كانوا إذا منظرين 8 إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون 9}

صفحة 3925 - الجزء 6

  أقرب، لأنه أبلغ في الزجر «مِنْ قَرْيَةٍ» أي: من أهل قرية بكفرهم «إِلَّا وَلَهَا كِتَابٌ» ولأهل القرية كتاب «مَعْلُومٌ» أي: كتاب كتب اللَّه فيه وقت هلاكهم، عن ابن عباس، وأبي علي. وقيل: كتاب يأتيه الرسول حجة عليهم، عن الحسن. وقيل: «كتابٌ» أي: كتب لهم أجلاً يبلغونه لا يتقدم ولا يتأخر، عن الأصم. وقيل: «كِتَابٌ مَعْلُومٌ» أجل معلوم، عن أبي مسلم ... «مَا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ» قيل: (مِن) صلة أي: ما تسبق من أمة أجلها، يعني لا يسبق الأجل عن وقته ولا يتأخر، كذلك هَؤُلَاءِ إذا جاء وقت أجلهم لا يتقدم ولا يتأخر «وَقَالُوا» يعني المشركين للنبي ÷ «يَاأَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ» يعني: الذي يدعي أنه أنزل عليه الذكر وهو القرآن، لأنهم كانوا لا يؤمنون به، ولو قالوا ذلك إيماناً لما قالوا: إنك لمجنون، فأما إن قالوا: على زعمك، [أو قالوه] استهزاء «إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ» أي: زائل العقل، قيل: قالوا ليستهزأ به، وإلا كانوا علموا عقله، وقيل: نسبوه إلى الجنون لتعد دعواهم عنده تشبيهاً «لَوْ مَا تَأْتِينَا» أي: هلا تأتينا «بِالْمَلَائِكَةِ» للعذاب إن كان ما نحن عليه يوجب العذاب استعجالاً، وقيل: هلا تأتي بالملائكة يشهدون لك بالنبوة إن كنت صادقاً في دعواك أنك نبي، عن ابن عباس، والحسن، وأبي علي. وقيل: لوما تأتينا بالملائكة إن كنت صادقاً في أن اللَّه يعذبنا، عن الأصم. فأجابهم بالمقنع فقال سبحانه: «مَا نُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ إِلَّا بِالْحَقِّ» قيل: لا ينزلون إلا بالحق الذي هو الموت لا يقع فيه تقديم ولا تأخير، عن ابن عباس. وقيل: لا ينزلون إلا بعذاب الاستئصال إن لم يؤمنوا، عن الحسن، ومجاهد، وأبي علي. يعني إذا نزل ما طلبوا لم يمهلوا، وقيل: ما ننزلهم إلا بالوحي والقرآن الذي هو الحق، وقيل: ما ننزل الملائكة إلا في الدنيا، وإنما ينزل بالحق عند قيام الساعة لتحقيق ما وعد اللَّه به من قيام الساعة، عن