قوله تعالى: {ولقد أرسلنا من قبلك في شيع الأولين 10 وما يأتيهم من رسول إلا كانوا به يستهزئون 11 كذلك نسلكه في قلوب المجرمين 12 لا يؤمنون به وقد خلت سنة الأولين 13 ولو فتحنا عليهم بابا من السماء فظلوا فيه يعرجون 14 لقالوا إنما سكرت أبصارنا بل نحن قوم مسحورون 15}
  · الإعراب: الكاف في قوله: {كَذَلِكَ نَسْلُكُهُ} كاف التشبيه، وتقديره: كما عملنا فيمن تقدم من الرسل وفي كتبهم كذلك نسلك القرآن في قلوب المشركين من أمتك، من قرأ «نسلكه» فهو من أسلك، ولا تجوز القراءة به لأنه خلاف المستفيض.
  وفي قوله: {أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ} حذف تقديره: أرسلنا من قبلك رسلاً في شيع الأولين فحذف لدلالة «أَرْسلنَا» عليه.
  · المعنى: لما تقدم ذكر استهزائهم بالرسول عقبه بذكر ما جرى من الأمم على الرسل تسلية له، فقال سبحانه: «وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ» يا محمد رسلاً، عن ابن عباس، وقتادة.
  «فِي شِيَعِ الْأَوَّلِينَ» قيل: أمم الأولين، عن ابن عباس، والحسن، وقتادة، وأبي علي، وأبي القاسم. وقيل: في فرق الأولين، عن ابن عباس، والزجاج، وأبي مسلم. وهما متقاربان «وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ» أي: يسخرون به مع تكذيبهم له كما فعل قومك بك.
  ثم بين الحجة عليهم وأنه أزاح عللهم، فقال سبحانه: «كَذَلِكَ نَسْلُكُهُ» يعني نوصله إليه ونجعله فيه، أي: نوصل القرآن في قلوب المشركين، وقيل: نجعل الحجج في قلوبهم، وقيل: بإخطار ذلك ببالهم حتى عرفوه، عن الأصم. وقيل: باستماعهم القرآن من الرسول ÷ وحفظهم ومعرفتهم بمعانيه، وخلقه، حفظ ذلك في قلوبهم، عن أبي علي، وأبي مسلم. والهاء في قوله: «نَسْلُكُهُ» قيل: القرآن نسلكه في قلوب الكفار، وهو قول الأكثر، وأبي علي، وأبي مسلم، وأبي القاسم. وقيل: الحجج، عن الأصم. وقيل: نسلك الاستهزاء بإخطاره على البال لكي يجتنب عليهم في معنى قول الحسن، وقتادة، والأول أصح «فِي قُلُوب الْمُجْرِمِينَ» أي: المشركين من أمتك لإقامة الحجة عليهم «لا يُؤْمِنُونَ» أي: مع ذلك لاَ يؤمنون بالقرآن عناداً وجهلاً.