التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ولقد جعلنا في السماء بروجا وزيناها للناظرين 16 وحفظناها من كل شيطان رجيم 17 إلا من استرق السمع فأتبعه شهاب مبين 18}

صفحة 3935 - الجزء 6

  وتدل على ثبوت السماوات خلاف ما يقوله المنجمون: إنها الأفلاك.

  وتدل على أن السماء محفوظة من دخول الشياطين، فإنهم كانوا يدخلون قبل ذلك ويسترقون السمع.

  وتدل على أنهم منعوا بالنهي، فلما لم يمتنعوا منعوا بالقهر لما فيه من المصلحة وأنه يتبعهم شهاب ثاقب.

  فصل

  وللملحدة وغيرهم أسئلة في هذه الآية نشير إلى ذكرها، وإلى أجوبة الموحدين عنها.

  قالوا: كيف كانوا يسترقون السمع؟

  قلنا: قيل: كانوا يأتون السماء وقد مكنوا من ذلك بما أعطوا من الآلات فيسمعون ما هو كائن في الأرض، فينزلون ويخبرون بذلك، وكانوا لا يمنعون من ذلك قبل المبعث.

  وقيل: كانت الملائكة تنزل من السماء ولها في الجو مكان تتخاطب فيه، فكان استراق السمع من تلك الجهة.

  فقالوا: هلا مُنِعُوا من الصعود أصلاً؟

  قلنا: منعوا بالنهي، فلما أدى تخليتهم إلى فساد منعوا بالقهر، وإنما كان وجه المفسدة ما يفسد بعضهم بعضاً، أو يفسدون غيرهم بالوسوسة.

  قالوا: فهذه الشهب هل تكون معجزة؟

  قلنا: نعم، وقيل: حدوثها معجزة لأنه لم يكن، وقيل: كثرتها معجزة، وقيل: