قوله تعالى: {ولقد جعلنا في السماء بروجا وزيناها للناظرين 16 وحفظناها من كل شيطان رجيم 17 إلا من استرق السمع فأتبعه شهاب مبين 18}
  تتكامل النعم من تمكن التصرف، والزرع والغرس والبناء وغير ذلك «وَأَلْقَينَا فِيهَا رَوَاسِيَ» أي: الجبال الثوابت لأن بها تتم النعم من سكون الأرض، وهي كالكنوز للماء والجواهر المخلوقة فيها من الذهب والفضة والنحاس وغير ذلك، كالأعلام لهداية الطرق، فجعل تعالى الجبال سبباً لهذه المنافع على سبيل العادة، وهو قادر على تسكين الأرض، وخلق هذه المنافع من غير حيل «وَأَنْبَتْنَا فِيهَا» قيل: في الأرض من أنواع النبات، وهو الوجه، وقيل: في الجبال من أنواع الجواهر «مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ» قيل: ما يوزن في العادة كالذهب والفضة والصفر والنحاس ونحوه، وقيل: ما يصلح أن يوزن فيدخل فيه الحبوب، وقيل: هو ما تخرجه الأرض فيدخل المكيل فيه، لأنه وإن أكيل حبا فعاقبته إلى الوزن، كالطعام وغيره، عن أبي مسلم، وقيل: معلوماً تشبيهاً بالوزن، لأنه به يعلم مقادير الأشياء، عن الضحاك، وابن عباس، وقتادة، وسعيد بن جبير. وقيل: موزوناً، أي: مقدرًا بحسب الحاجة إليه، كما يتقدر الموزون، عن أبي صالح، ومجاهد، وعكرمة، وهو قول أبي علي، وأبي القاسم. قال القاضي: ويعد هذا الوجه أقرب، وقيل: كل ما فيها صواب وحكمة يدل على مدبرها، كما يقال لكل صواب من قول أو فعل: موزون، يقال: هذا كلام معه موزون، عن الأصم. «وَجَعَلْنَا لَكُمْ» أي: خلقنا لكم «فِيهَا» في الأرض «مَعَايِشَ» قيل: من زرع ونبات، عن ابن عباس والحسن، وابن زيد. وقيل: رزقاً تعيشون به من أنواع الحبوب والزروع والثمار، ووجه المعيشة في ذلك بوجهين: أحدهما: بانتفاعهم به، والآخر: تقلبهم في التجارات «وَمَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرَازِقِينَ» يعني جعلنا فيها معيشة لمن لستم له برازقين وقيل: جعلنا لكم معايش، وجعلنا لكم العبيد والإماء من لستم له برازقين، واختلفوا، قيل: من لستم له برازقين الدواب والأنعام، عن