التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ولقد خلقنا الإنسان من صلصال من حمإ مسنون 26 والجان خلقناه من قبل من نار السموم 27 وإذ قال ربك للملائكة إني خالق بشرا من صلصال من حمإ مسنون 28 فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين 29 فسجد الملائكة كلهم أجمعون 30}

صفحة 3947 - الجزء 6

  آدم، فقال سبحانه: «وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ» يعني آدم «مِنْ صَلْصَالٍ» قيل: من طين يابس يسمع له عند النقر صلصلة أي: صوت، عن ابن عباس، والحسن، وقتادة، وأكثر المفسرين. قال مجاهد: هو مثل الخزف الذي يصلصل، وقيل: الصلصال المنتن، عن مجاهد، والكسائي. وقيل: طين صلب يخالطه الكثيب، عن الضحاك. «مِنْ حَمَإٍ» أي: من طين متغير «مَسْنُونٍ» قيل: مصبوب، يعني: الحمأة قد اشتدت وانبسطت، وقيل: كأنه أفرغ حتى صار صورة كما يصب الذهب والفضة، وقيل: رطْب، عن ابن عباس. وقيل: متغير منتن، عن ابن عباس، ومجاهد، وقتادة، والضحاك، وأبي علي. وقيل: مسنون، أي: سنه لولده، يخلق ولده على سنته أي: صورته، وقيل: مسنون مصور، أي: خلقنا الإنسان مصورًا من طين متماسك له صوت، عن أبي مسلم. وقيل: منصوب قائم على مثال كنه الوجه أي: صورته، قال القاضي: والذي خلق منه أولاً كان تراباً، ثم طيناً، ثم حمأ مسنوناً، ثم صلصالاً كالفخار «وَالْجَانَّ» قيل: أبو الجن، عن ابن عباس، والأصم. وقيل: هو إبليس، عن الحسن، وقتادة، ومقاتل. وقيل: هم الجن نسل إبليس، قال أبو مسلمِة الجان واحد الجن «خَلَقْنَاهُ» أي: أنشأناه «مِنْ قَبْلُ» أي: من قبل خلق آدم «مِنْ نَارِ السَّمُومِ» قيل: من نار لها ريح، وقيل: من نار جهنم، عن ابن عباس، وقيل: من لسان النار ولهبه، عن الأصم، والحسن، وقيل: خلقه من نار ووصفها بالسموم لإحراقها، عن أبي علي. وقيل: النار الملتهبة، عن أبي مسلم «وَإِذْ قَال رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ» الَّذِينَ كانوا سكان الأرض، عن ابن عباس، والأصم، وقيل: هو عام {إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ ٢٨ فَإِذَا سَوَّيْتُهُ}، بإتمام خلقه وكماله، وقيل: عدلت صورته وأكملت «وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي» كناية عن إحيائه، وأضافه إلى نفسه لأنه القادر