التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {قال فما خطبكم أيها المرسلون 57 قالوا إنا أرسلنا إلى قوم مجرمين 58 إلا آل لوط إنا لمنجوهم أجمعين 59 إلا امرأته قدرنا إنها لمن الغابرين 60 فلما جاء آل لوط المرسلون 61 قال إنكم قوم منكرون 62 قالوا بل جئناك بما كانوا فيه يمترون 63 وأتيناك بالحق وإنا لصادقون 64 فأسر بأهلك بقطع من الليل واتبع أدبارهم ولا يلتفت منكم أحد وامضوا حيث تؤمرون 65 وقضينا إليه ذلك الأمر أن دابر هؤلاء مقطوع مصبحين 66}

صفحة 3967 - الجزء 6

  مجرمين من حيث كانوا من قوم لوط، وممن بعثوا إليهم، وقيل: إنه بمعنى (لكن) لا بمعنى الاستثناء الحقيقي، وقيل: معناه إلا آل لوط فليسوا المجرمين، عن الأصم. «إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ» أي: نخلص من العذاب جميع آله «إِلَّا امْرَأَتَهُ» يعني امرأة لوط كانت كافرة «قَدَّرْنَا» قيل: أخبرنا وكتبنا، عن أبي علي. وقيل: علمنا، عن الزجاج. وقيل: دبرنا «إِنَّهَا لَمِنَ الْغَابِرِينَ» أي: الباقين. في العذاب بكفرها «فَلَمَّا جَاءَ آلَ لُوطٍ الْمُرْسَلُونَ» يعني الملائكة لما خرجوا من عند إبراهيم أتوا لوطاً مبشرين بهلاك قومه «قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ» أي: لا أعرفكم، لأنه رآهم في صورة حسنة وزي حسن فأنكرهم، وقيل: إنكم على الوصف الذي أنكر مجيئكم إلي مع خوفي من قومي علكيم، فأزالوا الخوف عن قلبه، و «قَالُوا بَلْ جِئْنَاكَ بِمَا كَانُوا فِيهِ يَمْتَرُونَ» قيل: العذاب الذي كانوا يشكون فيه ويتهمونك في ذكره إذا خوفتهم به، عن الحسن، وأبي علي، وأبي مسلم، وجماعة. وقيل: بل أتيناك بالرسالة من عند اللَّه بنجاتك وهلاكهم، عن الأصم. «وَإنَّا لَصَادِقُونَ» فيما نخبرك به، ثم بينوا له ذلك قالوا: «فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ» أي: أَسْرِ بقومك، وهم أولاده، وامض «بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيلِ» قيل: بقطعه، عن ابن عباس، والأصم. وقيل: ببعض، وقيل: ببقية، وقيل: أَسْرِ بهم إذا بقي من الليل قطعة، عن أبي علي. وذلك وقت السحر، وقيل: بسواد من الليل، عن الحسن. «وَاتَّبِعْ أَدْبَارَهُمْ» أي: أدبار الأهل، يعني كن خلفهم لتكون عيناً عليهم فلا يتخلفوا، وقيل: لينجوا من العذاب، «وَلاَ يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ» قيل: لا يتخلف منكم أحد، عن ابن عباس، وأبي مسلم. يعني: لا يتخلف عن السير، وقيل: لا يلتفت،