التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ولقد كذب أصحاب الحجر المرسلين 80 وآتيناهم آياتنا فكانوا عنها معرضين 81 وكانوا ينحتون من الجبال بيوتا آمنين 82 فأخذتهم الصيحة مصبحين 83 فما أغنى عنهم ما كانوا يكسبون 84}

صفحة 3977 - الجزء 6

  رسلاً منهم صالح، عن أبي علي. «وَآتَيْنَاهُمْ آيَاتِنَا» يعني أصحاب الحِجْر الآيات الحجج، وقيل: آتينا الرسل الآيات، وقيل: أتينا، عن الحسن. وقيل: الآيات معجزات الرسل، وقيل: هي الناقة وما فيها من الآيات من خلقها، وخروجها من الصخرة الصماء، وشربها، ولبنها، وقيل: ظهرت آيات على صالح سوى الناقة «فَكَانُوا عَنْهَا» عن الآيات «مُعْرِضِينَ» أي: أعرضوا عن التفكر فيها والاستدلال، وقيل: معرضين مكذبين، عن ابن عباس. «وَكَانُوا يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا» من قوتهم وطول آمالهم، اتخذوا منازل في الجبال لئلا تتهدم «آمِنِينَ» قيل: آمنين عن أن تقع عليهم، عن ابن عباس، وأبي علي. وقيل: آمنين من عذاب اللَّه، وقيل: آمنين من أن يسلبوا دنياهم، حكاه الأصم. وقيل: آمنين من الموت، حكاه أبو القاسم عن بعضهم، قال القاضي: ويبعد ذلك من العاقل في العادة إلا أن يحمل على قرب الموت، أو يحمل على التشبيه، كأنهم آمنون من الموت، وقيل: آمنين من الخراب «فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيحَةُ» قيل: الهلاك، وقيل: صاح بهم جبريل صيحة فهلكوا «مُصْبِحِينَ» أي: عند الصبح «فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ» أي: ما كفى ولا دفع عنهم ما نزل بهم «مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ» وقيل: ما جمعوه من المال والولد، عن أبي علي. وقيل: ما كسبوا من كفرهم، عن الأصم. وقيل: لم تنفعهم عبادة غير اللَّه تعالى، وقيل: ما نحتوه من الجبال ظناً أن ذلك يمنع، وقيل: ما كانوا يظهرون بصالح من المكر.

  · الأحكام: في الآية تنبيه وتحذير بأن أولئك مع شدة بأسهم لم يثبتوا لصيحة فكيف أنتم مع ضعفكم.