التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما إلا بالحق وإن الساعة لآتية فاصفح الصفح الجميل 85 إن ربك هو الخلاق العليم 86}

صفحة 3979 - الجزء 6

  قريبة «فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ» قيل: اعف عنهم، عن الحسن، والأصم. وهذا في هذا خاصة لا فيما أمر به من البلاغ، وقيل: لا تقاتلهم على ما ينالك منهم من مكروه بل تستمر على الدعاء إلى اللَّه تعالى، وقيل: لا تعاقبهم، عن أُبي. وقيل: أراد أن ينكر عليهم، وفي ذلك نصحهم، عن أبي مسلم. وقيل: استعمل الحلم، عن الحسن، والأصم. وقيل: أراد الكف عن قتالهم، عن ابن عباس «إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْخَلَّاقُ» لكل شيء مخلوق من الأجسام والأعراض التي لا يقدر عليها غيره تعالى «الْعَلِيمُ» بكل شيء، ويخلق ما تقتضيه الحكمة.

  · الأحكام: تدل الآية أنه تعالى خلق جميع الأشياء بالحق، فتدل على أن الباطل ليس من خلقه.

  وتدل على الأمر بالصفح عنهم.

  قيل: الآية منسوخة بآية القتال، عن ابن عباس، وقتادة، ومجاهد، والضحاك.

  وقيل: نزلت قبل آية القتال، ثم أمر بالقتال، عن عكرمة، وسفيان بن عيينة.

  وقيل: لا نسخ فيه بل أمره بالصفح في موضع الصفح، كقوله: {فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ}⁣[النساء: ٦٣] قال القاضي: والصفح ممدوح في سائر الحالات، وهو الحلم والتواضع، وذلك لا ينسخ، وقد يلزمنا الصفح الجميل مع التشدد في أمر الجهاد.

  وتدل على وجوب الرفق في الدعاء إلى الدين.

  وتدل على إثبات المعاد للجزاء.