قوله تعالى: {فوربك لنسألنهم أجمعين 92 عما كانوا يعملون 93 فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين 94 إنا كفيناك المستهزئين 95 الذين يجعلون مع الله إلها آخر فسوف يعلمون 96}
  أي: ما أحسن انطلاقك، عن الفراء، قال الكسائي: جاز ذلك، لأنك تقول: أمرتك أمرًا، وأمرتك بأمر، وقيل: أراد ما تؤمر به فحذف به، وروي أن رؤبة كان يقول: ما سمعت في كتاب اللَّه حرفاً أعرب من قوله: {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ}.
  · النزول: قيل: كاق النبي ÷ مستخفياً حتى نزل جبريل بقوله: {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ} أي أظهر وأعلن، عن ابن عباس.
  · المعنى: لما بين تعالى كفرهم بالقرآن، وجعلوه عضين بين لرسوله أن لا يحزن، فإنه يسألهم عن فعلهم، ويجازيهم بذلك، وأنه لا ينبغي له أن يلتفت إليهم بل يبلغ كما أمر، فقال سبحانه: «فوَرَبِّكَ» قسم بنفسه «لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ» قيل: أسأل المقتسمين، لأنه وعيد لهم متصل بالحكاية عنهم، وقيل: عنى به جميع المكلفين وهو الوجه، والمقتسمون داخلون في جملتهم، واختلفوا عما يسأل، فقيل: عن الإيمان والكفر، وقيل: عن كل عمل وهو الوجه.
  ومتى قيل: كيف يصح الجمع بين هذه الآية وبين قوله: {لَا يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلَا جَانٌّ ٣٩}[الرحمن]؟
  فجوابنا: فيه وجوه:
  منها: أنه سؤال توبيخ لِمَ فعلت لا سؤال تعريف ماذا فعلت، عن ابن عباس.
  وقيل: في القيامة أحوال في بعضها يسأل وفي بعضه لا يسأل.
  وقيل: لا يسأل بعد التوبة ويسأل قبلها.
  وقيل: لا يسأل حقيقة السؤال، ولكن توبيخاً وتهجيناً.