قوله تعالى: {أتى أمر الله فلا تستعجلوه سبحانه وتعالى عما يشركون 1 ينزل الملائكة بالروح من أمره على من يشاء من عباده أن أنذروا أنه لا إله إلا أنا فاتقون 2}
  · النزول: قيل: لما نزل: {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ}[القمر: ١] مكثوا زماناً لا تأتيهم، فقالوا: ما نرى مما خوفنا محمد شيئاً، فنزلت: {أَتَى أَمْرُ اللَّهِ} عن ابن عباس، فوثب النبي ÷ ورفع الناس رؤوسهم، فأتى جبريل، وقال: لا تستعجلوه، فاطمأنوا، فقال ÷: «بعثت والساعة كهاتين - وأشار بإصبعه».
  وقيل: قال المشركون للنبي ÷: ائتنا بعذاب الله؟ فقال تعالى: {أَتَى أَمْرُ اللَّهِ} أي: هو آت إلى قريب، عن الحسن.
  وقيل: نزلت في النضر بن الحارث حين قال: {إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ}[الأنفال: ٣٢]، الآية. فاستعجل العذاب، فنزلت الآية، وهي الجواب المفصول، فقتل النضر يوم بدر صبرًا.
  · النظم: ومتى قيل: أي تعلق لقوله سبحانه وتعالى بما تقدم؟ وكيف وجه الاتصال؟
  فجوابنا: أنهم كانوا يستعجلون العذاب على وجه التكذيب به وبالقيامة والبعث، فبين أنه تعالى منزه عما يصفونه به، لأن الحكيم لا بد إذا كلف أن يجازي فترك المكافأة قبيح، وكذلك الإنصاف والانتصاف، وقيل: كانوا منكرين للقدرة على الإعادة، فنزه نفسه عن قولهم، وقيل: كانوا يعتقدون أن أصنامهم تدفع عنهم ما يوعدون من العذاب، وتقربهم إلى اللَّه، فنزه نفسه عن ذلك، وإذا قرئ بالياء فهذا الوجه أقوى.