التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {خلق السماوات والأرض بالحق تعالى عما يشركون 3 خلق الإنسان من نطفة فإذا هو خصيم مبين 4 والأنعام خلقها لكم فيها دفء ومنافع ومنها تأكلون 5}

صفحة 4001 - الجزء 6

  وعلمه، عن أبي علي، وأبي مسلم، وقيل: «خَصِيمٌ» يجادل بالباطل «مُبِينٌ» ظاهر الخصومة، عن ابن عباس، والحسن، يعني: خلقه ومكنه فأخذ يخاصم في نفيه وفي آياته [وفيه تعريض] بفاحش ما ارتكب وضيع من نعمة اللَّه تعالى عليه، وقيل: فيه بيان نعمه بأن بلغه بعد أن كان نطفة إلى هذه المنزلة.

  ثم بين قدرته ونعمته في خلق الأنعام، فقال سبحانه: «وَالأَنعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ» قيل:

  الإبل والبقر والغنم، عن الحسن وجماعة «فِيهَا دِفْءٌ» قيل: الدفء اللباس، عن ابن عباسٍ، ومجاهد، وقيل: ما يستدفأ به بما يعمل من صوفها ووبرها وشعرها، عن الحسن وجماعة، فيدخل فيه الأكسية واللحف والملبوسات والمبسوطات وغيره، وقيل: الدفء نسل كل دابة، عن ابن عباس، قال الأموي: الدفء عند العرب نتاج الإبل والانتفاع بها، وقيل: الدفء صغارها، والمنافع بكبارها، حكاه الأصم، «وَمَنَافِعُ» يعني سائر ما ينتفع به من اللبن والركوب والحمل والنسل وغيره «وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ» يعني لحومها وشحومها عند التذكية عند الأصم.

  · الأحكام: تدل الآية على خلق السماوات والأرض وغيره، وعلى عظيم قدرته وجسيم نعمه، ووجوه الاستدلال بالسماء خلقها ورفعها وسكونها وما فيها من النجوم، وسيرها على قدر معلوم في منازلها والمنافع.

  وتدل على أنه خلقه من نطفة، ونقله من حال إلى حال حتى جعله بشرًا سوياً، ناطقاً، عالماً، سميعاً، بصيرًا، وذلك من أعظم العبر.

  وتدل على عظيم نعمه في خلق الأشياء، لأنه تعالى خلق كل ذلك للمكلفين.