قوله تعالى: {والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة ويخلق ما لا تعلمون 8 وعلى الله قصد السبيل ومنها جائر ولو شاء لهداكم أجمعين 9 هو الذي أنزل من السماء ماء لكم منه شراب ومنه شجر فيه تسيمون 10}
  سبحانه: «وَالْخَيلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ» أي: خلق هذه الأشياء «لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً» أي: لكي تركبوها، وليكون ذلك زينة لكم مع المنافع التي فيها «وَيَخْلُقُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ» قيل: في الجنة من النعيم لأهلها، وفي النار العقوبات لأهلها، وقيل: السوس في الثياب، والدود في الفواكه، عن قتادة، وقيل: هو عام في كل شيء خلقه ولا نعلمه، عن أبي علي. «وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ»، عن ابن عباس أي: بيان الهدى من الضلال، قال جابر: أراد بيان الشرائع والفرائض، وقيل: بيان الذي كلف الخلق، عن أبي علي.
  و (على) كلمة وجوب، وقيل: «وَعَلَى اللَّهِ» بيان سبيل الجنة، فمتى بينه ولم يعمل العبد فقد أُتي من جهته، وقيل: على اللَّه مجازاة من استقام على الطريق، ومجازاة من عدل عنه، وقيل: السبيل القاصدة أمرها راجع إلى اللَّه، عن أبي مسلم. «وَمِنْهَا» الكناية ترجع إلى السبيل، والسبيل يذكر ويؤنث أيضاً في لغة الحجاز «جَائِرٌ» قيل: من السبيل ما هو جائر أي: عادل عن الحق جار عن طرق الهدى والحق، والجائر: اليهودية والنصرانية وأنواع الكفر، وقصد السبيل: الإسلام، وقيل: الجائر البدع، والأهواء، وقصد السبيل: هو سنة رسول اللَّه ÷، عن ابن المبارك. «وَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ» قيل: بالإلجاء إلى الهدى، عن الحسن، والأصم، وقيل: هي بمعنى القدرة، وقيل: لهداكم إلى الجنة والثواب تفضلاً، عن أبي علي، وأبي مسلم. «هُوَ الَّذِي أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً» عد نعمة أخرى دالة على وحدانيته، وهو إنزال المطر من السماء، قيل من السماء حقيقة، ولا مانع منه، فلا معنى للعدول عنه، وقيل: إنه خلق «لَكُمْ» أي: الخلق «منه» من الماء «شَرَابٌ» تشربون، وبه قيام الحيوان «وَمِنْهُ شَجَرٌ» أي: