قوله تعالى: {أفأمن الذين مكروا السيئات أن يخسف الله بهم الأرض أو يأتيهم العذاب من حيث لا يشعرون 45 أو يأخذهم في تقلبهم فما هم بمعجزين 46 أو يأخذهم على تخوف فإن ربكم لرءوف رحيم 47}
  بِمُعْجِزِينَ» أي: لا يسبقون اللَّه فيعجزونه من عذابهم «أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَى تَخَوُّفٍ» من أن ينزل بهم ما نزل بغيرهم، وهو من الخوف، وهو أن يهلك قرية ولا يهلك أخرى، فيخاف هَؤُلَاءِ أن يصيبهم ما أصاب الآخرين، عن الحسن، والضحاك، والكلبي، وقيل: على تنقص، عن ابن عباس، ومجاهد، وقتادة، وابن زيد، وأكثر المفسرين، ثم اختلفوا، فمنهم من قال: تنقص من أطرافهم ونواحيهم الشيء بعد الشيء حتى يهلك جميعهم، ومنهم من قال: في حال تنقص من أموالهم وأنفسهم، وقيل: تخوفهم بما ينزل فيحذروا الاستئصال: أخذهم بالنقص من أموالهم وأنفسهم، عن الأصم، وقيل: التخوف ضد البغتة، عن أبي مسلم، وقيل: في حال لا يؤمنون فيه الهلاك ويخافونه «فَإِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ» بكم حيث لم يمنع إحسانه بعصيانهم «رَحِيمٌ» بأن لم يعجلهم العقوبة، عن الأصم، وقيل: رؤوف في الدنيا بالبر والفاجر، رحيم في الآخرة بالمؤمنين.
  · الأحكام: تدل الآية على أنه لا ينبغي لمن عصى اللَّه أن يأمن حالاً بعد حال أن يأخذه من حيث لا يشعر، وفي ذلك تهديد وجب على التوبة والمبادرة إليها.
  وتدل على أن عذاب الاستئصال كان يجوز أيام الرسول.
  وتدل على أن المكر فعلُهم لذلك ألحق بهم كل هذا الوعيد، فيبطل قول الْمُجْبِرَةِ في المخلوق، يوضحه أنه على قولهم خلق فيهم المكر، ثم أوعدهم لماذا كان ما خلقت، وهلا كان ما لم أخلق، ولو لم يخلق المكر لما كان في الدنيا مكر ولا احتيج إلى وعيد ولا رسول ولا دعاء، تعالى اللَّه عن قولهم علواً كبيرًا.