التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {أولم يروا إلى ما خلق الله من شيء يتفيأ ظلاله عن اليمين والشمائل سجدا لله وهم داخرون 48 ولله يسجد ما في السماوات وما في الأرض من دابة والملائكة وهم لا يستكبرون 49 يخافون ربهم من فوقهم ويفعلون ما يؤمرون 50}

صفحة 4048 - الجزء 6

  أي: أرسلني، وقيل: أفردهم بالذكر لخروجهم مما يدب لكونهم ذي أجنحة يطيرون، فصفة الطيران أغلب عليهم، وإن كانوا يمشون أيضاً كالطيور، وقيل: أراد «وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ» يعني: ما في السماوات من الملائكة، وما في الأرض من المؤمنين وملائكة الأرض، عن الأصم «وَهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ» لا يتعظمون عن قبول الحق، ولا يأنفون، «يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ» قيل: يخافون عقاب ربهم من فوقهم، لأنه يأتي من فوق، عن أبي علي، وقيل: يخافون ربهم الذي هو فوقهم بالقهر والقدرة والعلو، «وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ» صفة للملائكة فوصفوا بالخوف لفظ التحرز من العقاب وبأنهم يفعلون ما أمرهم ربهم.

  · الأحكام: تدل الآية على عظيم قدرته في خلق الأجسام وظلالها، وذلك مما لا يقدر عليه أحد.

  ومتى قيل: ما الظل؟ وكيف يدل على الصانع؟

  قلنا: الظل هو منع أجزاء النور أن تقع مكانه، ودلالته من وجوه:

  أحدها: أنه لا ظل إلا للأجسام وهو منفرد بالقدرة على الأجسام.

  وثانيها: أن الظل يتغير بجريان الشمس، وذلك مما لا يقدر عليه أحد غيره تعالى، وذلك أن أجزاء الشعاع تنفصل من عين الشمس وتقع على الأرض، ثم يمنع ذلك الأجسام، ويزيد وينقص، وكل ذلك مما تفرد بالقدرة عليه.