قوله تعالى: {ولو يؤاخذ الله الناس بظلمهم ما ترك عليها من دابة ولكن يؤخرهم إلى أجل مسمى فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون 61 ويجعلون لله ما يكرهون وتصف ألسنتهم الكذب أن لهم الحسنى لا جرم أن لهم النار وأنهم مفرطون 62 تالله لقد أرسلنا إلى أمم من قبلك فزين لهم الشيطان أعمالهم فهو وليهم اليوم ولهم عذاب أليم 63}
  بالإمهال، فإنه تعالى يمهل، وقيل: إنما يهلكهم إذا اجتمعوا على الكفر والذنوب، وقيل: إذا تركوا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وقيل: إذا علم أن ليس فيهم من تواب.
  ومتى قيل: هذا الظالم يستحق العقوبة بظلمه فما بال سائر الحيوانات تؤخذ؟
  فجوابنا: أنه يكون عقوبة للظالم ومحنة لغير الظالم فهو كالأمراض النازلة بالمؤمنين.
  وقيل: إذا هلك الآباء الظلمة ينقطع النسل فلا يبقى من يدب، عن أبي علي.
  وقيل: إذا هلك الظلمة ولم يبق مكلف لا يبقى غير ذلك لأنه لا فائدة فيها، لأنها إنما خلقها للمكلفين. وسمع أبو هريرة يقول: إن الظالم لا يضر إلا نفسه، فقال: بلى واللَّه حتى إن الحبارى لتموت في وكرها لظلم الظالم، وذلك أن بشؤم ظلمهم يمسك اللَّه المطر، ويضيق الرزق، فيؤدي إلى هلاك الحيوان.
  وقيل: ما ترك على ظهرها من دابة من أهل الظلم والشرك، عن الأصم.
  «وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ» يمهلهم «إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى» وقت معلوم قيل: الموت، وقيل:
  الحشر. «فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ» أي: وقتهم الموعود «لاَ يَسْتَأْخِرُونَ» عنه «سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ» أي: لا يتقدم على الوقت ساعة ولا يتأخر عنه.
  ثم حكى عنهم كفرًا آخر، فقال سبحانه: «وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ مَا يَكْرَهُونَ» لأنفسهم قيل: هو البنات، وقيل: يضيفون إليه ما يكرهون إضافته، فتارة يصفونه بأن له شريكاً