قوله تعالى: {وما أنزلنا عليك الكتاب إلا لتبين لهم الذي اختلفوا فيه وهدى ورحمة لقوم يؤمنون 64 والله أنزل من السماء ماء فأحيا به الأرض بعد موتها إن في ذلك لآية لقوم يسمعون 65 وإن لكم في الأنعام لعبرة نسقيكم مما في بطونه من بين فرث ودم لبنا خالصا سائغا للشاربين 66}
  الأول: أنه رد على واحدة، لأن النعم والأنعام بمعنى، فرده إلى النعم، ولفظ النعم مذكر، قال الراجز:
  وَطَابَ أَلْبَانُ اللِّقَاحِ فَبَرَدْ
  ولم يقل: فبردت؛ لأنه رده إلى اللبن، عن الفراء.
  والثاني: قال أبو عبيدة والأخفش: النَّعَم تذكر وتؤنث، فمن أنث فلمعنى الجمع، ومن ذكر فلحكم اللفظ، ولأنه لا واحد له من لفظه.
  والثالث: أنه حمل على المعنى بتقدير: بطون ما ذكر، أو بطون هذا الشيء، قال الشاعر:
  إِنَّ السَّمَاحَة والمَرُوءَةَ ضُمِّنَا ... قَبْرًا بِمَرْوٍ عَلَى الطَّرِيقِ الوَاضِحِ
  كأنه قال: شيئان ضمنا، عن الكسائي.
  الرابع: أنه في معنى، أي: تقديره: نسقيكم. مما في بطونه، أي: كان اللبن خالصاً.
  «سائغا» نصب بقوله: «نسقيكم».
  · المعنى: ثم بين تعالى أنه مع الوعيد وإيجاب العقاب قد أزاح العلة وأقام الحجة، فقال سبحانه: «وَمَا أَنزَلْنَا عَلَيكَ الْكِتَابَ» يعني القرآن «إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ» تعرفهم وتظهر لهم «الَّذِي اخْتَلَقُوا فِيهِ» من الدين والأحكام، والمختلفون هم أهل المُلْك والأهواء، عن