التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ألم يروا إلى الطير مسخرات في جو السماء ما يمسكهن إلا الله إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون 79 والله جعل لكم من بيوتكم سكنا وجعل لكم من جلود الأنعام بيوتا تستخفونها يوم ظعنكم ويوم إقامتكم ومن أصوافها وأوبارها وأشعارها أثاثا ومتاعا إلى حين 80 والله جعل لكم مما خلق ظلالا وجعل لكم من الجبال أكنانا وجعل لكم سرابيل تقيكم الحر وسرابيل تقيكم بأسكم كذلك يتم نعمته عليكم لعلكم تسلمون 81}

صفحة 4087 - الجزء 6

  أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا» الصوف للضأن، والوبر للإبل، والشعر للماعز «أَثَاثًا» قيل: مالاً، عن ابن عباس، وقيل: متاعاً، عن مجاهد، وقيل: ثياباً، وقيل: الأثاث المال من الإبل والغنم والعبيد والمتاع، عن [القتبي]، وقيل: هو متاع البيت من الفرش والأكسية ونحوها، «وَمَتَاعًا» أي: بلاغاً ينتفعون بها «إِلَى حِينٍ» إلى مدة، قيل: إلى الموت، يعني أن الانتفاع بالدنيا يكون إلى مدة ولا يدوم، وينبغي للعاقل أن يختار الآخرة لدوامها، وقيل: إلى حين تبلى، وقيل: إلى أن تقوم الساعة، فإن أمتعة الدنيا وما يتخذ إنما هو في الدنيا، فإذا دخل أهل الجنة الجنة فاللَّه تعالى يخلق لهم ما يحتاجون إليه حالاً بعد حال، ولا تتخذ هذه الأشياء «وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِمَّا خَلَقَ ظِلَالًا» أي: أشياء تستظلون بها من الحر وشدته، وهو الأشجار والأبنية «وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجبَالِ أَكْنَانًا» أي: مواضع تسكنون فيها «وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ» قيل: القمص من الكتان، والقطن، والقز، والصوف، عن قتادة، وقيل: كل ما لبسته فهوسربال، عن الزجاج. «تَقِيكُمُ الْحَرَّ» أي: تمنعكم الحر والبرد «وَسَرَابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ» يعني أسلحة تقيكم في الحرب أذى السلاح والحرب، يعني: الدروع وما أشبه ذلك «كَذَلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيكُمْ» أي: بمثل هذه الأشياء تعظم النعم وتتم «لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ» أي: لتدخلوا في الإسلام إذا تفكرتم في هذه الدلائل.

  · الأحكام: تدل الآية على الحث على النظر لذلك قال: «ألم يروا».

  ويدل ما عد من النعم على عظيم قدرته وعلمه وتوحيده، وعظيم نعمه على خلقه.

  وتدل على أنه فعل ذلك كله ليسلموا، فتدل على أنه أراد من الجميع الإسلام خلاف ما تقوله الْمُجْبِرَة.