التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {فإن تولوا فإنما عليك البلاغ المبين 82 يعرفون نعمت الله ثم ينكرونها وأكثرهم الكافرون 83 ويوم نبعث من كل أمة شهيدا ثم لا يؤذن للذين كفروا ولا هم يستعتبون 84 وإذا رأى الذين ظلموا العذاب فلا يخفف عنهم ولا هم ينظرون 85}

صفحة 4089 - الجزء 6

  · الإعراب: قيل: قوله: «فَإِنْ تَوَلَّوْا» شرط، والجواب محذوف تقديره: فإن تولوا فإنه لا يلزمك تقصير من أجل توليهم، لأن الذي عليك هو البلاغ، إلا أنه حذف إيجازاً، ويدل على المحذوف قوله: {فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ}.

  {الَّذِينَ كَفَرُوا} في محل الرفع لوقوع الإذن عليه في قوله: {لَايُؤذَنُ}.

  · النظم: ويقال: كيف تتصل الآية بما قبلها؟

  قلنا: أمر نبيه أن يذكرهم بهذه النعم، ويحتج عليهم بهذه الأدلة، فإن أسلموا فذاك، وإن أعرضوا فلا شيء عليك إن عليك إلا البلاغ فقط.

  ويقال: كيف يتصل قوله: «ويوم نبعث» بما قبله؟

  قلنا: فيه وجهان:

  أحدهما: أنه عطف على قوله: {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ ثُمَّ يَتَوَفَّاكُمْ} {ثُمَّ يَبعَثُكُم}، {وَيَوْمَ نَبْعَثُ [مِنْ] كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا} عن أبي مسلم.

  وقيل: يتصل بما قبله أي: إن تولوا فعليك البلاغ، ونجازيهم على إعراضهم يوم نبعث من كل أمة شهيداً.

  · المعنى: «فَإنْ تَوَلَّوْا» أعرضوا عن إجابتك وقبول ما تدعوهم إليه من الدين مع ما أظهرت من الحجة، قال أبو علي: فإن أعرضوا عن طاعة اللَّه تعالى «فَإِنَّمَا عَلَيكَ الْبَلَاغُ الْمُبِينُ» أي: تبليغ الرسالة وأداؤها، و (المبين) البين الظاهر «يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَهَا» بعبادة غيره، وإضافتها إلى من سواه جهلاً وتقليداً، عن أبي علي، وقيل: ينكرون البعث تقليداً، وقيل: أنكروا ما عرفوا من صفة الأصنام أنها لا تقدر على شيء، واتخذوها آلهة، ذكر هذين الوجهين الأصم، وقيل: يعرفون محمدًا وهو من نعم الله «ثُمَّ يُنكِرُونَهَا» يكذبونه ويجحدونه، عن السدي، وقيل: ما عدد عليهم من النعم في هذه السورة ينكرون ذلك، يزعمون أنها كانت لآبائهم ورثوها عنهم، عن مجاهد،