التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ويوم نبعث في كل أمة شهيدا عليهم من أنفسهم وجئنا بك شهيدا على هؤلاء ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين 89 إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون 90}

صفحة 4097 - الجزء 6

  قلنا: لما ذكر الكتاب بيَّن ما نزل فيه وما يأمر به وينهى عنه في الكتاب.

  وقيل: إنه يتصل بما قبله بقوله: {وَيَوْمَ نَبْعَثُ} كأنه قيل: بعد ذكر الشهود والقيامة إنه يأمر بالعدل وينهى عن الظلم، فلا يظلم أحداً بل يعدل، ولذلك جاء بالشهود ليشهدوا على الأمم أنهم أُتوا من قبل أنفسهم.

  · المعنى: «وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا» قيل: رسلهم وقيل: المؤمنون من كل أمة.

  ومتى قيل: لم أعيد ذكر ذلك بعد ما تقدم ذكره؟

  قلنا: لأنه ذكر الشهود وعرض كلام آخر، وأراد أن يبين شهادة للنبي ÷، فأعاد ذكر اليوم والشهداء.

  وقيل: أراد بالشهداء هاهنا جوارحهم.

  وقيل: في الأول الحفظة، وهاهنا الرسل، ولذلك ذكره هاهنا «مِنْ أَنفُسِهِمْ» وقيل: من جنسهم، وكان معهم في الدنيا، وقيل: هي جوارحهم «وَجِئْنَا بِكَ» يا محمد «شَهِيدًا عَلَى هَؤُلَاءِ» الَّذِينَ بعثت إليهم قبلوا أم ردوا، وقيل: على الأنبياء أنهم بلغوا «وَنَزَّلْنَا عَلَيكَ الْكِتَابَ» القرآن «تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ» أي: لتبين به كل شيء يحتاجون إليه من أمور دينهم «وَهُدًى» دليلًا على الحق «وَرَحْمَةً» نعمة على الخلق لما فيه من بيان الشرائع، وقيل: لأنه يؤدي إلى نعم الآخرة «وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ» فيما وعدهم من نعيم الجنة والثواب على إسلامهم «إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ» التفضل مع الناس، فيدخل فيه الإحسان بالأموال والأخلاق والإرشاد والسعي الجميل، وقيل: العدل التوحيد، والإحسان أداء الفرائض، عن ابن عباس، ومقاتل، وعطاء، وقيل: العدل في الأفعال، والإحسان في الأقوال، وقيل: العدل في معاملة غيرك، والإحسان إلى نفسك، فلا تلقيها في العذاب «وَإيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى» أي: إعطاء القربى حقهم بصلة