قوله تعالى: {ولا تشتروا بعهد الله ثمنا قليلا إنما عند الله هو خير لكم إن كنتم تعلمون 95 ما عندكم ينفد وما عند الله باق ولنجزين الذين صبروا أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون 96 من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون 97}
  «مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ» قيل: العمل الصالح: الطاعات، والإيمان: هو التصديق، وقيل: أراد كمال الإيمان لمجانبة الكبائر، وقيل: أراد أن العمل الصالح لا يستحق به الثواب إلا بشرط الإيمان والمعرفة «فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً» قيل: الرزق الحلال، عن ابن عباس، وسعيد بن جبير، والضحاك، وعطاء، وقيل: العيش في الطاعة، عن مقاتل، وقيل: رزقاً من غير مشقة ولا تبعة، وقيل: التوفيق للكسب الحلال، وقيل: القناعة والرضى عن اللَّه في العسر واليسر، عن الحسن، وقيل: هي الجنة والثواب الدائم، عن مجاهد، وقتادة، وابن زيد، والحسن، والأصم، وهو اختيار القاضي، قال الحسن: لا تطيب الحياة لأحد إلا في الجنة، وقيل: حياة طيبة في القبر، وقيل: الحياة الطيبة الاستغناء عن الخلق والافتقار إلى اللَّه تعالى، وقيل: حياة المؤمن طيبة، لأنه أبداً يكون راضياً بعيشه حامداً لله، وغير المؤمن يطيح إلى الحرام، ويتعب نفسه فيه، ولا يرضى بالمقسوم، وقيل: لأن المؤمن يستشعر ما أعد اللَّه له فيتسلى عن غموم الدنيا، وقيل: لأن حياته مقرونة بالأصل في النجاة واستحقاق الثواب، وحياة الكافر مقرونة بالخيبة «وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ» قد مر تفسيره، وقيل: كرره تأكيداً، وقيل: الأول للصابرين على الوفاء بالعهود، والثاني على العمل بالطاعات.
  · الأحكام: تدل الآية على النهي عن أخذ العوض في الدنيا في شيء من أمور الدين، فيدخل فيه الأيمان الكاذبة، والرشى في الحكم، وإيثار البدع للبيع، والشهادة بالزور لعوض.
  وتدل على عظم حال الثواب، فلا نعمة أجل منه، فقد اجتمع فيه خصال كلها مطلوبة لا تجتمع في شيء: