قوله تعالى: {من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ولكن من شرح بالكفر صدرا فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم 106 ذلك بأنهم استحبوا الحياة الدنيا على الآخرة وأن الله لا يهدي القوم الكافرين 107 أولئك الذين طبع الله على قلوبهم وسمعهم وأبصارهم وأولئك هم الغافلون 108 لا جرم أنهم في الآخرة هم الخاسرون 109}
  ويقال: ما موضع (أنهم) في قوله: {لَا جَرَمَ أَنَّهُمْ} من الإعراب؟
  قلنا: يحتمل وجهين: النصب، والرفع، والنصب بمعنى لا بد من ذا، ويجوز على جرم فعلهم أن لهم النار، أي: قطع بذا، وأصله الرفع على وجب قطعاً أن لهم النار، و (لا) صلة أو رداً للكلام.
  · النزول: قيل: نزل قوله: {مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ} و {مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا} في عبد اللَّه بن سعد بن أبي سرح، وقوله: {إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ} في عمار بن ياسر.
  وقيل: نزلت في جماعة أكرهوا، وروي أن عمارًا وياسرًا أباه وأمه سُمَيّة، وصهيبا، وبلالاً، وخباباً أخذوا وعذبوا، فأما أبو عمار وأمه فقتلا، وأما هو فأعطاهم ما أرادوا منه بلسانه، ثم أخبر بذلك رسول اللَّه، ÷ فقال قوم: أكفر عمار، فقال: «كلا إن عمارًا ملئ إيماناً من قرنه إلى قدمه، واختلط الإيمان بلحمه ودمه»، وجاء عمار إلى رسول اللَّه ÷ وهو يبكي فنزلت الآية، عن ابن عباس، وقتادة. وقيل: أحد بنو المغيرة، عن قتادة.
  وقيل: نزلت في ناس من أهل مكة آمنوا وخرجوا يريدون المدينة، فأدركتهم قريش وفتنوهم فكفروا كارهين، عن مجاهد.
  وقيل: نزلت في عياش بن أبي ربيعة، آمن وهاجر وكان برًّا بأمه، فحلفت لا تأكل خبزًا حتى يعود ابنها، فقدم عليه رجلان وأخبراه بذلك، فأراد أن ينصرف فنهاه عمر، فأبى وخرج، فلما كان ببعض الطريق عذبه من أخبره بقول أمه، وكان