التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ولكن من شرح بالكفر صدرا فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم 106 ذلك بأنهم استحبوا الحياة الدنيا على الآخرة وأن الله لا يهدي القوم الكافرين 107 أولئك الذين طبع الله على قلوبهم وسمعهم وأبصارهم وأولئك هم الغافلون 108 لا جرم أنهم في الآخرة هم الخاسرون 109}

صفحة 4122 - الجزء 6

  سبب نيل الثواب في الآخرة «وَأَنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ» قيل: لا يثيبهم، وقيل: لا يحكم بهدايتهم، عن الأصم، يعني لا يحكم بأنهم يهتدون، وهم ضلال كفرة، وقيل: لا يلطف لهم كما يلطف للمؤمنين «أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ» قيل: جعل عليها علامة الكفر لتراها الملائكة، وتلعنهم، وقيل: شبههم بالأصم الأعمى، وأنهم بالغفلة صاروا كالمطبوع على قلوبهم وسمعهم وأبصارهم، وقيل: خلى بينهم وبين كفرهم حتى صاروا كالمطبوع على قلوبهم «وَأُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ» قيل: بمنزلة الغافلين ذماً لهم وتهجيناً، وقيل: لجهلهم عما يؤدي إليه حالهم صاروا غافلين، وإن كانت الخواطر ترد عليهم «لاَ جَرَمَ» قيل: حقًّا أن لهم النار في الآخرة، وقيل: كسب فعلهم لهم النار في الآخرة، وقيل: وجب لهم أنهم في الآخرة «هُمُ الْخَاسِرُونَ» خسروا أنفسهم، وأوبقوها بعذاب اللَّه تعالى، وخسروا أموالهم بأن سلبوها، عن الأصم، وقيل: هم المعذبون، إذ حرموا الجنة ونعيمها وعذبوا في النار، عن أبي علي.

  · الأحكام: تدل الآية على أن من أكره على إظهار كلمة الكفر فأظهرها لا حرج عليه.

  وتدل على أن ما يقع عليه الإكراه من الفعل يكون كفرًا، فيبطل قول من يقول:

  لا يدخل الكفر إلا في أفعال القلوب.

  وتدل على أن الإيمان يكون في القلب خلاف قول من يقول: إنه قول، وكذلك الكفر، ولذلك وصف بالطمأنينة في الإيمان.