التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ولكن من شرح بالكفر صدرا فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم 106 ذلك بأنهم استحبوا الحياة الدنيا على الآخرة وأن الله لا يهدي القوم الكافرين 107 أولئك الذين طبع الله على قلوبهم وسمعهم وأبصارهم وأولئك هم الغافلون 108 لا جرم أنهم في الآخرة هم الخاسرون 109}

صفحة 4125 - الجزء 6

  وخامسها: ما يباح وما لا يباح من الإكراه:

  أما الكفر فقد بينا ما يباح من إظهاره مع التعريض، فإن ترك ذلك حتى قُتل، فهو أفضل لما فيه من إعزاز الدين.

  ومنها: ما فعلها أفضل ويأثم بتركه كشرب الخمر.

  ومنها: ما يكره فعلها ويأثم بفعلها، وإن لم يفعل حتى قُتل كان مأجورًا كقتل الغير.

  ومنها: ما يستوي فعله وتركه كالإكراه على إتلاف مال الغير.

  وسادسها: ما يقع وما لا يقع، فالأصل فيه أن الإكراه عندنا يجري كمجرى الهازل، وكل موضع يؤثر فيه الهزل يؤثر الإكراه، وكل موضع لا يؤثر الهزل لا يؤثر الإكراه، وإنما قال مشايخنا ذلك، لأن المكره عدم منه القصد فقط كالهازل، فإذا ثبت هذا فالبيع والأقارير والعقود المالية كلها يؤثر فيه الإكراه ولا ينبرم، ولكن يقف فإن جاز بعد جواز الإكراه جاز وإلا بطل، وفي النكاح والطلاق والعتاق والأيمان، فقال أبو حنيفة: يقع، وقال الشافعي: لا يقع، وروي عن الشعبي إن كان الإكراه من سلطان يقع، وإن كان من غيره لا يقع.

  فأما أكل الميتة وشرب الخمر فيباح.

  فأما الزنا، فقيل: لا يصح فيه الإكراه، وقيل: يصح، وإذا أكره على تلف مال غيره، فالضمان على المكرِه الظالم بالاتفاق.

  فأما في القتل فاختلفوا، قال أبو حنيفة: القصاص على الْمكرِه، قال زفر: على المكرَه، وقال الشافعي: عليهما، وقال أبو يوسف: لا قود عليه وفيه الدية.