قوله تعالى: {ثم إن ربك للذين هاجروا من بعد ما فتنوا ثم جاهدوا وصبروا إن ربك من بعدها لغفور رحيم 110 يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها وتوفى كل نفس ما عملت وهم لا يظلمون 111 وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون 112}
  الجدال والمجادلة: الخصومة سمي لذلك لشدته، وهو مفاعلة من الجدال، والجدل: مقابلة الحجة بالحجة، والمناظرة: أن تدفع الحجة بنظيرها، وقيل: أن ينظر كل واحد منهما في حجة صاحبه، ورجل جدل شديد الخصومة، وأصله من جدل الحبل، وهو شدة فتله، وقيل للحبل الذي يجعل في رأس البعير جديل، ورجل مجدول الحلق: شديده، وقيل: أخذت من الجدالة، وهي الأرض، والمجدل:
  الملقى على الأرض، وطعنه فجدله أي: رماه بالأرض فكأن أحد الخصمين يروم من الآخر أن يرميه إلى الأرض ويصرعه، عن أبي مسلم.
  والأنعام جمع، وفي واحده ثلاثة أقوال: نعمة وأنعم، كشد وأشد، وقيل:
  واحدها: نعم، كما يقال: أيام طعم ونعم، وقيل: جمع نعماء مثل بأساء وأبؤس، وضراء وأضر.
  · الإعراب: «تجادل» أنث لتأنيث ما أضيف إليه، لأن النفس تذكر وتؤنث، إذ هو [مقيدٌ بالمعنى] وكذلك سبيله في التثنية والجمع، تقول: كل امرأة في الدار قائمة، وكل امرأتين قائمتان، وكل نساء قائمات، {يَومَ} نصب على الظرف.
  · النزول: قيل: نزلت الآية {ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُوا} في جماعة من أهل مكة عياش بن أبي ربيعة أخي أبي جهل من الرضاعة، وأبي جندل بن سهيل بن عمرو، والوليد بن الوليد بن المغيرة وغيرهم، فتنهم المشركون فأعطوهم بعض ما أرادوا، ثم إنهم هاجروا بعد ذلك وجاهدوا فنزلت الآية فيهم.