قوله تعالى: {ثم إن ربك للذين هاجروا من بعد ما فتنوا ثم جاهدوا وصبروا إن ربك من بعدها لغفور رحيم 110 يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها وتوفى كل نفس ما عملت وهم لا يظلمون 111 وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون 112}
  وقيل: نزلت في عبد اللَّه بن سعيد بن أبي السرح ارتد، فلما كان يوم الفتح أمر النبي ÷ بقتله، فاستجار له عثمان، فأجاره رسول اللَّه ÷، ثم إنه أسلم وحسن إسلامه، عن الحسن، وعكرمة.
  · النظم: قيل: هذه الآية تتصل بقوله: {إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ} فإنه بعد بيان حال من شرح بالكفر صدرًا، واستثنى من أكره على الكفر فبين حالهم لما تخلصوا وهاجروا وجاهدوا، عن أبي مسلم.
  وقيل: لما تقدم ذكر الَّذِينَ خسروا أنفسهم أتبعه بذكر من ربحت صفقته ممن هاجر وجاهد.
  ويقال: كيف يتصل قوله: {يَوْمَ تَأْتِي} بما قبله؟
  قلنا: بقوله: {لَغَفُورٌ رَحِيمٌ} {يَوْمَ تَأْتِي} يعني يوم القيامة، ثم اتصل به ذكر القرية الكافرة وما جازاهم به.
  · المعنى: «ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ» يا محمد «لِلَّذِينَ هَاجَرُوا» إلى المسلمين، وفارقوا أوطانهم في سبيل اللَّه «مِنْ بَعْدِ مَا فُتِنُوا» قيل: عذبوا وأوذوا، وقيل: من بعد ما منعوا من الإسلام، وخوفوا ليرتدوا «ثُمَّ جَاهَدُوا» قيل: جاهدوا أعداء اللَّه باليد واللسان «وَصَبَرُوا» قيل:
  على الإيمان، وتحمل المشاق في الإسلام، وقيل: على ما أوذوا «إِن رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا» من بعد تلك الفتنة «لَغَفُورٌ رَحِيمٌ» وقيل: من بعد التوبة، عن الأصم، وقيل: أراد بقوله: «مِنْ بَعْد مَا» الإياس من صدهم، كقولهم: كيف أسخط على فلان بعد أن تحمل كذا، معناه كيف يظن ظان أن اللَّه يسخط عليهم بعد أن هاجروا وجاهدوا،