قوله تعالى: {ثم إن ربك للذين عملوا السوء بجهالة ثم تابوا من بعد ذلك وأصلحوا إن ربك من بعدها لغفور رحيم 119 إن إبراهيم كان أمة قانتا لله حنيفا ولم يك من المشركين 120 شاكرا لأنعمه اجتباه وهداه إلى صراط مستقيم 121 وآتيناه في الدنيا حسنة وإنه في الآخرة لمن الصالحين 122 ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين 123}
  · الإعراب: الهاء في قوله: «بعدها» قيل: تعود على الجهالة، وقيل: تعود على السيئة، لأن السوء بمعنى السيئة، ورد الكناية إلى المعنى، وقيل: إلى التوبة، لأن قوله: {تَابُوْا} يتضمن التوبة.
  والأمة الجماعة، وأصله من القصد، وقيل: إن الأمة هاهنا هي الرجل.
  {شَاكِرًا} نصب لأنه خبر كان، وكذلك {أُمَّةً قَانِتًا}.
  · النزول: قيل: نزلت الآية في قوم أسلموا ثم ارتدوا، ثم أسلموا فقبل اللَّه توبتهم.
  · المعنى: لما تقدم الوعد والوعيد عقبه بذكر التائبين، فقال سبحانه: «ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ عَمِلُوا السُّوءَ» المعصية «بِجَهَالَةٍ» قيل: بداعي الجهل، لأن الجهل يدعو إلى القبيح، كما أن العلم يدعو إلى الحسن، وقيل: جهالة الشباب وغلبة الشهوة عليه، عن أبي علي، وقيل: فعل المعصية جهالة في الشرع، ولذلك يقال لأهل المعاصي جهل، كأنهم جهلوا ما فيه، عن الأصم، وقيل: أراد بالجهالة أنه لم يقصد وجه العصيان، وإنما فعل لحاجة أو شهوة، وقيل: باستعمال الجهل والإعراض عن موجب العقل والعلم، وقيل: بجهالة عن تصور العاقبة فيما يقدم عليه من القبيح «ثُمَّ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ» أي: ندموا على ما فعلوا «وَأَصْلَحُوا» قيل: أصلحوا الأعمال بعد التوبة ولم يقتصروا على التوبة، وقيل: أصلحوا بالثبات على التوبة، وقيل: أصلحوا ما بينهم وبين اللَّه، عن الأصم. «إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ» أي: من بعد التوبة لغفور لذنوبهم، «رَحِيمٌ» ينعم عليهم بالجنة.