التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {إنما جعل السبت على الذين اختلفوا فيه وإن ربك ليحكم بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون 124 ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين 125 وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين 126 واصبر وما صبرك إلا بالله ولا تحزن عليهم ولا تك في ضيق مما يمكرون 127 إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون 128}

صفحة 4139 - الجزء 6

  · النظم: يقال: كيف اتصل قوله: {إِنَّمَا جُعِلَ السَّبتُ} بما قبله؟

  قلنا: فيه وجوه:

  أحدها: أنه رد على اليهود والنصارى في ادعائهم أن إبراهيم كان منهم، ثم رد عليهم في هذه الآية فيما أوجبوا من تعظيم أحوال السبت وأنه لا يجوز نسخه كما رد عليهم ذلك، عن أبي مسلم.

  وقيل: لما أمر باتباع الحق حذر من الاختلاف فيه بما ذكر من حال الَّذِينَ اختلفوا كيف شدد عليهم وضيق، ثم أمر في الآية الثانية بمجادلتهم والدعاء إلى الحق.

  · المعنى: «إِنَّمَا جُعِلَ السَّبْتُ عَلَى الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ» قيل: فرض عليهم تعظيم السبت لما اختلفوا في أمر الجمعة، وهم اليهود، وكانوا أمروا بتعظيم الجمعة فعدلوا عما أمروا به، عن مجاهد، وابن زيد، وقيل: لما اختلفوا في أمر الجمعة بما ليس لهم شدد اللَّه عليهم التعبد وحرم عليهم الصيد وغيره. وقيل: هم اليهود والنصارى، وقد قال بعضهم: السبت أعظم الأيام لأنه تعالى فرغ من خلق الأشياء فيه، وقال الآخرون: بل الأحد لأنه ابتدأ بخلق الأشياء فيه، فهذا اختلافهم، وقيل: الَّذِينَ اختلفوا هم اليهود والنصارى عرض عليهم الجمعة، وأمروا بتعظيمها فأبوا وقبله المسلمون فقال ÷: «نحن الآخرون السابقون، وهذا اليوم الذي اختلفوا فيه هدانا اللَّه إليه، وهو يوم الجمعة فصار لنا عيداً فهم لنا تبع اليهود غداً، والنصارى بعد غد»، وأنكر الأصم ذلك لوجهين: أحدهما: أنه لا دليل عليه، والثاني: أن أهل الكتاب ينكرونه، وقيل: