التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {إنما جعل السبت على الذين اختلفوا فيه وإن ربك ليحكم بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون 124 ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين 125 وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين 126 واصبر وما صبرك إلا بالله ولا تحزن عليهم ولا تك في ضيق مما يمكرون 127 إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون 128}

صفحة 4141 - الجزء 6

  لا تصبر ونحن معينك وناصرك «وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ» قيل: على المشركين في إعراضهم عنك، لأن الجزاء عليهم، وقيل: على قتلى أحد بما أعطاهم اللَّه من الثواب والخير «وَلاَ تَكُ فِي ضَيقٍ» أي: في ضيق صدرك «مِمَّا يَمْكُرُونَ» قيل: يدبرون عليك من التدابير السوء في خفية، وما يحتالون في إبطال أمرك فإن اللَّه معك، فقال سبحانه: «إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا» بالنصرة والحفظ ينصرك عليهم، ويكفيك أمرهم قال الحسن: اتقوا ما حرم عليهم، وأحسنوا فيما فرض عليهم، وقيل: اتقوا في الدنيا فلم يأخذوها إلا من حقها، وأحسنوا في الإنفاق.

  · الأحكام: يدل أول الآيات أنه كان بينهم اختلاف، وأن عند ذلك ألزموا السبت.

  وتدل أن اختلافهم كان خطأ.

  ويدل قوله: «ادع» على وجوب الدعاء إلى الدين، وعظم محله، وأن الواجب فيه الرفق واللين.

  وتدل على صحة الحجاج في الدين.

  ويدل قوله: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ} على أن الجزاء يجب فيه المساواة فتدل على أن المتلف يضمن بالمثل أو قيمته، وكذلك في القصاص وغيره.

  وقيل: إن الآية منسوخة بآية القتال، وليس كذلك لأن وجوب القتال لا يغير ما يلزم من الدعاء إلى دين اللَّه بالرفق والموعظة الحسنة والصبر على الأذى، وقيل لهرم بن حيان: أوصنا، قال: أوصيكم بالآيات الأواخر من سورة النحل {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ} إلى آخر السورة.

  وتدل على أنه مع المؤمنين بالنصرة والحفظ والانتقام له من أعدائه، وروى