قوله تعالى: {سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير 1 وآتينا موسى الكتاب وجعلناه هدى لبني إسرائيل ألا تتخذوا من دوني وكيلا 2 ذرية من حملنا مع نوح إنه كان عبدا شكورا 3}
  وقيل: سبحان لا ينصرف، لأنه يتضمن على مراتب التعظيم، وهذا المعنى لا يجوز إلا لواحد فلزم منهاجاً واحدًا ليدل على هذا المعنى.
  والإسراء: سير الليل، سرى يسري سراء، وأسرى يسري إسراء لغتان، قال الشاعر:
  وَلَيْلَةٍ ذَاتِ دُجًى سَرَيْتُ ... وَلَمْ يَلِتْنِي عَنْ سَرَاها لَيْتُ
  وقال آخر:
  سَرَيْتُ بهم حتى تَكِلَّ مَطِيُّهم ... وحتى الجيادُ ما يُقَدْنَ بِأَرْسانِ
  وبناء (شكور): فعول من الشكر، وذلك يقتضي التكثير والدوام حتى يصير عادة لهم، كقولهم: نؤوم وصدوق وكفور وظلوم وجهول.
  والذرية: الأولاد، قيل: أخذ من الذر، وقيل: من ذرأ اللَّه أي: خلق.
  · الإعراب: «سبحان» نصب على المصدر، كقوله: معاذ اللَّه، وقيل: تقديره: سبح تسبيحاً.
  «وكيلاً» نصب على المصدر، لأنه مفعول (لا تتخذوا).
  ويقال: بما انتصب (ذرية)؟
  قلنا: فيه ثلاثة أوجه:
  قيل: على النداء، كأنه قيل: يا ذرية من حملنا مع نوح، وهو نداء لمن كان ويكون من المكلفين على ما يصح من بلوغه إياهم، عن أكثر النحويين.